4 السرقة
تُعدّ السرقة من الأمور شائعة الحدوث في المتاحف، وتخلّف الكثير من الخسائر. تحدث السرقة بعدة أشكال متضمنة السطو والنهب في وضح النهار، وقد تتم السرقة من قبل الموظفين أوالزوّار المختصين.
من غير الممكن منع حدوث السرقات تماماً، وخصوصاً تلك التي تستهدف الأعمال الفنية، لأنها في نهاية الأمر لابدّ ان تكون معروضةً علناً ومتاحةً ليتمكن الزوّار من رؤيتها عن قرب. ومع ذلك، من الممكن الحدّ من تفاقم الخسائر باتخاذ تدابير هيكلية وميكانيكية وإلكترونية وتنظيمية للكوادر العاملة بهدف تعزيز منظومة الحماية، وإحباط عمليات السرقة الإجرامية، والقبض على مرتكبيها (تقديم مرتكبيها للعدالة).
لابدّ من مراعاة خصوصية المقتنيات والمجموعات الفنية عند وضع التدابير السابق ذكرها. يجب مناقشة خطة الأمان والإتفاق على تفاصيلها مع مالك المبنى ومستخدميه، آخذين بعين الاعتبار خصوصيّة موقع المبنى، وتصميم قاعات العرض الداخلية، وقيمة المعروضات الفنية، وطبيعة الكادر الوظيفي القائم عليها، بالإضافة إلى الوضع التقنيّ للمنشأة. تأخذ منظومة الأمان في الحسبان دمج هذه التدابير مع توصيات الأمان سابقة أثبتت التجربة فعاليتها في تسهيل مهمة حماية الممتلكات الثقافية.
تحتوي العديد من المتاحف والمكتبات ودورالمحفوظات على مجموعاتٍ لاتُقدّر بثمن من المقتنيات الفنية، ومن غيرالممكن تعويضها في حال تعرضها للتلف أوالسرقة. بالنظر إلى الزيادة المذهلة في معدّل سرقات المقتنيات الفنية مؤخراً – خاصةً في كل من هولندا والسويد والنرويج والنمسا وألمانيا – باتت حماية المقتنيات الفنية من السطو والسرقة والأضرار أولويةً قصوى للمنشآت الثقافية.
ثمّة فوارق رئيسية بين المنشآت الثقافية (كالمتاحف والمكتبات ودور المحفوظات) وغيرها من المباني والمؤسسات من حيث طبيعة التهديدات التي تتعرّض لها في حالات الخطر:
– إن المنشآت الثقافية مبانٍ عامة في المقام الأول، ومتاحة للزيارة في معظم الأحيان. نادراً ما توجد أسوار أوجدران أو عوائق أخرى في طريق الوصول المباشر إلى المبنى
– يمكن أن يموّه الجناة زيارتهم ويقوموا أثناء زيارتهم للمنشأة خلال ساعات العمل الرسمية بالتحقق بدقة من وضع المعروضات والتدابير الأمنية وطرق الهروب المحتملة.
· على النقيض من البنوك، تعرض المنشآت الثقافية مقتنياتها الأكثر قيمةً للعامّة في بعض المناسبات، مما يسهّل الوصول إليها بسرعة ويعرّضها للتلف.
· يشكل المتسلّلون الذين يختبئون في المنشأة (يبقون بدون تصريحٍ رسميٍّ في المبنى بهدف ارتكاب جريمة السرقة بعد إغلاق أبواب المنشأة) تهديداً كبيراً على المعروضات القيّمة، إذ أنهم في أسوأ الحالات في مأمن من إرسال إشارة إنذار مبكر، وعند انطلاق الإنذار سيجدون الوقت الكافي للخروج من المبنى بسرعة باستخدام مخارج النجاة “الرسمية”.
لذلك من الضروري حماية المقتنيات الثمينة في أماكن العرض والتخزين سواءً تمت السرقة أثناء ساعات العمل في وضح النهار، أوقام الجناة بالسطو عليها بعد إغلاق أبواب المنشأة.
على الرغم من عدم وجود دراسة إحصائية توفّر تقييماً لهذه السرقات، غير أن الخبراء يرجحون أن غالبية السرقات (أو التخريب) تحدث خلال ساعات العمل. عادة ما يحدث ذلك ن عندما يكون هناك عدد قليل من الزوار أوفي قاعات العرض التي تخلو من الحضور وطاقم الإشراف من الموظفين في بعض الأحيان.
يعتبر السطو بعد ساعات العمل نادراً من الناحية الإحصائية، ولكن حالات السطو الناجحة تخلّف أضراراً خطيرة. وفقاً لبيانات الشرطة، فإن أكثر من 95٪ من عمليات السطو يتمّ عن طريق الأبواب والنوافذ التي يمكن اختراقها بسهولة.
تتنوع المخاطر المرتبطة بكل نوع من أنواع المقتنيات. إذ تكون المعروضات ذات “القيمة المادية المرتفعة” (مثل المعروضات الذهبية أو المعادن الثمينة أو الكتب أو اللوحات) أكثر عرضةً للخطر مقارنةً بالبقايا الأحفورية أوالحيوانية على سبيل المثال.
ومع ذلك، لا ينبغي أن يقتصر تركيز التدابير الأمنية على المعروضات ذات القيمة المادية العالية، إذ أنّ فقدان أو تلف عينةٍ من حيوان منقرض مثلاً، خسارة فادحة لعلم الحيوان لايمكن تعويضها، ولهذا ينبغي منح جميع المعروضات درجة الأهمية ذاتها، وحمايتها جميعاً دون تمييز.
يتضمن نظام الأمان الأمثل للمنشآت الثقافية مجموعة من التدابير وهي:
1- التدابير الهيكلية-الميكانيكية
2- التدابير الإلكترونية
3- التدابير التنظيمية وشؤون الموظفين
هذه التدابير، التي سيتم تناولها بمزيد من التفصيل أدناه، تكمّل بعضها بعضاً، ويتم تنسيق إجراءاتها بحيث تقلّل حجم المخاطر المحتملة إلى مستوى مقبول، وتحقّق أهدافها المتمثّلة بحماية الأشخاص والممتلكات الثقافية من الضياع والتلف.
في المباني التي تتطلّب محتوياتها درجة عالية من الحماية المادية، غالباً ماتتعارض منظومة الأمان لمناطق معينة مع متطلبات ضمان السلامة الشخصية (مثل مخارج النجاة)، والتي تستلزم الحفاظ على المداخل/المخارج مفتوحة وإبقاء الوصول إليها ميسّراً.
لذلك يجب أن يسبق التخطيط لأنظمة الإنذار من المخاطر إجراء تحليلٍ وتقييم ٍ للمخاطر يتمّ اعتماده كأساس لبناء منظومة الأمان وخطة حماية المنشأة، بالإضافة أيضاً إلى تحديد متطلباته من التدابير الهيكلية-الميكانيكية (الأبواب، النوافذ، المناطق الأمنية، مقصورات النار)، ويجب أن تراعي هذه التدابير الموظفين والزوّار والمستخدمين وعمال النظافة والقائمين على الصيانة.
يجب الالتزام بمعايير كل من: المعيار الأوروبي EN (اختصاراً عن المصطلح الألماني Europanorm)، المعهد الألماني للتوحيد القياسي DIN (اختصاراً عن Deutsches Institut für Normung) ، والرابطة الألمانية التقنية VDE (اختصاراً عن Verband Deutscher Elektrotechnik)، إلى جانب الإرشادات التي نشرتها الجمعية الألمانية لشركات التأمين على الممتلكات VdS (اختصاراً عن Verbandes der Sachversicherer) والتي ركّزت على مواصفات النوافذ والأبواب المقاومة للصدمات الميكانيكية، وكذلك على تدابير الأمان الإلكترونية كنظام الإنذار ضدّ السرقة EMA (اختصاراً عن Einbruchmeldeanlage). يعتمد تخطيط وتركيب وتشغيل وصيانة نظام الإنذار ضدّ السرقة EMA على الدليل الإرشادي للجمعية الألمانية لشركات التأمين VdS Guideline 2311، وجميع التوجيهات ذات الصلة الواردة فيه، والإصدار الجديد منه VdS Guideline 3511 لعام 2009 والذي يحمل عنوان “المبادئ التوجيهية لحماية المتاحف وقاعات العرض”، إلى جانب الجزئين الأول والثالث من الدليل DIN- VDE 0833 “أنظمة الإنذار من مخاطر الحريق والسرقة والسطو”.
لابدّ من التقيد بمواصفات جهاز الإنذار ضد السرقة الفئة C (وهي أعلى درجة من تدابير الأمان وفقاً لنظام VdS 2311، يرجى مراجعة تدابير الأمان الإلكترونية وأنظمة الإنذار ضدّ التسلل والسرقة)، والحرص على أن يكون نظام الإنذار على اتصال مباشر مع دائرة الشرطة وفقاً للتوجيهات المتبعة في حالات السطو والسرقة الموصوفة.
من الضروري الإلتزام الصارم بلوائح التوجيهات والمواصفات وتحديثاتها الصادرة عن الجهة ذات الصلة، وذلك لضمان تشغيل منظومة الإنذار بالشكل الأمثل ومنع انطلاق الإنذارات الكاذبة. كما ينبغي دائماً التنسيق بخصوص أي تعديل في التدابير مع دائرة الشرطة ذات الصلة (عادةً مكتب الشرطة الجنائية في الولاية).
تعتبر التدابيرالهيكلية-الميكانيكية ذات أهمية بالغة لمنع أو تأخير السطو على الأماكن و المقتنيات القيمة، بينما تنحصر وظيفة التدابير الإلكترونية “فقط” بالإنذار والتنبيه عند وقوع السرقة. وبالتالي فإن تحقيق مستوىً عالٍ من الإعاقة الميكانيكية – سواءً في الغلاف الخارجي للمبنى، أو القاعات المفردة، أوصالات العرض وغيرها – تشكل الأساس الذي تستند إليه التدابير الالكترونية.
تفترض خطة الأمان المثالية ضد السطو والسرقة أن يكون الكشف عن السرقة خلال فترة زمنية قصيرة من وقوعها ممكناً، متبوعةً بمحاولة إعاقة المجرمين عن طريق نصب حواجز ميكانيكية مرتفعة، أو إنشاء ممرات أطول للوصول إلى أماكن العرض و المقتنيات الثمينة منعاً لإتمام السرقة. يُشار إلى الزمن الفاصل بين الكشف عن السرقة (عند انطلاق جهاز الإنذار) وبين إتمامها باسم “زمن المقاومة”. كلّما طال هذا الزمن، كلّما ازداد احتمال منع إتمام عملية السرقة، وبات القبض على الجناة ممكناً (بواسطة حراس الأمن أو الشرطة).
I-التدابير الهيكلية-الميكانيكية
يستخدم هذا المصطلح لتلخيص جميع التدابير التي تهدف إلى جعل وصول المتسللين أو الزوّار إلى داخل المبنى أمراً صعباً أو شبه مستحيل.
الأسوار، الأسيجة والأبواب/ البوابات
يمثل السور الخارجي المحيط بالمبنى أول حاجز ميكانيكي. إلى جانب عباراتٍ تبني حاجزاً نفسيّاً من قبيل “هنا تبدأ الملكية الخاصة، يُعدّ تجاوزهذه البوابة عملاً إجرامياً، أو تعتبر تعديّاً على ممتلكات الغير”، ومن الممكن تدعيم هذا الحاجز بهدف إطالة “زمن الإعاقة” الذي سبق ذكره، وبالتالي زيادة فرصة تدارك السرقة قبل وقوعها.
تعزّز زيادة ارتفاع وثبات السور الحاجز النفسي وتطيل زمن التغلب عليه وتجاوزه. يعدّ الإرتفاع الأمثل للسور متران ونصف المتر، ويفضّل أن يزيد على ذلك. مع وجود جدران ملساء أوسياج شبكي دقيق الفتحات، سيحتاج الجاني لعدّة خاصة لتجاوز السور. يجب أن تصنع الأسوار من شبكة معدنية سُمكها لا يقل عن 6 مم، كما يجب أن يتم تثبيت الدعامات على الخرسانة بعمق كافٍ، وأن تكون مُدعّمةً بمانعٍ للإنزلاق (مثل قاعدة خرسانية أو ما شابه).
إن تدعيم السور ببعض الإضافات الأمنية (كالحواجز السلكية والزجاج المكسر) على طول الجدار سيجعل اختراق السور الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للمتسللين.
لابدّ من الانتباه للأشجار والنباتات المتسلقة في محيط المنشأة، والتي قد تسهّل تسلق الأسوار والجدران.
من الممكن تجاوز جميع الأسوار والتغلب على الجدارن في نهاية الأمر. تلعب الأسوار دوراً هاماً في إطالة “زمن الإعاقة”، وخاصّةً عندما تكون مقترنة بأجهزة الاستشعار والكاشفات الإلكترونية (انظر II. تدابيرالأمان الإلكترونية). يجب أن تؤخذ هذه التدابير بعين الاعتبار على وجه الخصوص إذا لم تستوف الأسوار المحيطة الشروط من حيث الارتفاع والثبات، أوليس بالإمكان استبدالها لأسبابٍ تتعلق بحفظ التراث.
الغلاف الخارجي للمبنى
يُطلَق مصطلح ” الغلاف الخارجي للمبنى” على الجدران الخارجية والأسقف والأسطحة المراد حمايتها. مع ملاحظة أننا نحرص على مناقشة الفتحات الخدمية فيها (كالأبواب والنوافذ وما إلى ذلك) في فصلٍ لاحق.
يأخذ تحليل مخاطر الخاص بغلاف المبنى العوامل التالية في الاعتبار:
– هل يقع المبنى في مكان منعزل؟ أم أنه متاخمٌ لمبنىً مجاور؟
– هل ثمة فتحات في الأجزاء المشتركة للمباني المتجاورة، هل يمكن الانتقال من مبنى إلى آخر عبر السطح؟
– هل يتكون غلاف المبنى من مواد بناءٍ مقاومة (الخرسانة أو الجدار بسماكة مناسبة)، أو مواد قابلة للاختراق بسهولة (كالخشب ، والطين والقش)؟
– ما هو ارتفاع المبنى؟ هل تتوفر في المحيط أدواتٌ من شأنها أن تساعد على تسلق الجدران مثل مانعات الصواعق، سلالم النجاة من الحرائق، أو حتى أغصان العرائش ؟
نظراً لصعوبة أواستحالة أن يتم تكييف المبنى هيكليّاً مع متطلبات الأمان من حيث موقعه الحالي، أو شكله الخارجي، أو تصميمه، فإن تحليل المخاطر وتقييمها يشكّلان غالباً الأساس التي تستند إليها تدابير الأمان الإلكترونية (راجع القسم II). إذا كانت التحسينات الإنشائية في هيكل المبنى ممكنةً من حينٍ لآخر (مثل إغلاق الفتحات بين المنشأة والأبنية المجاورة) ، فينبغي العمل بها.
الأبواب والنوافذ
تُعدّ فتحات الأبواب والنوافذ الموجودة في الجدران والأسقف (الغلاف الخارجي للمبنى) نقاط ضعف هيكلية. يمكن للجناة التسلّل إلى المبنى من خلال النوافذ التي يمكن الوصول إليها بسهولة في أكثر من 70 ٪ من حالات السرقة.
أوّل معيار ينبغي تقييمه هو موضع النوافذ والأبواب ومدى كونها مكشوفة (أي هل هي مطلّة على شارع مزدحم، أو على الجزء الخلفي من المبنى، أوعلى الفناء أوالمباني المجاورة، وهل هي مضاءة ؟ وإلى ماهنالك من تفاصيل).
المعيار الآخر هو ارتفاع النوافذ عمّا يحيط بها. وفقاً لتقديرات الشرطة الجنائية، فإن النوافذ التي لايزيد ارتفاعها عن 6 أمتار فوق سطح الأرض من السهل أن تطالها الأيدي ويمكن اقتحامها. علاوةً عن ذلك، تساعد الأدوات المتوفرة للتسلق (كالسلالم والعرائش)، وكذلك الحواف الواسعة للنوافذ والشرفات والأفاريز، أونقاط الاتصال بين المباني المتجاورة، على الوصول إلى المبنى بسهولة وتجاوز حتى عائق النوافذ المرتفعة.
يساهم تثبيت شبكات النوافذ في تقليص حجم المخاطر، إذ أنها تعيق الجناة الذين سيركزون بالدرجة الأولى على النوافذ بدون شبكات. للأسف، لاتطيل المشابك والمصاريع الأسطوانية الموجودة خارج منطقة المراقبة المحمية بواسطة تقنية الإنذار ضد السرقة من وقت الإعاقة، إذ يمكن للجناة اليوم إزالتها وفتحها بمعدّاتهم الحديثة خلال وقت قصير نسبيّاً. على النقيض من ذلك ، فإن شبكات النوافذ المزودة بكاشفات مربوطة مع أجهزة الإنذار ضد السرقة، تطلق إنذاراً فورالمساس بها أواختراقها، وتزيد – بالتالي – من وقت الإعاقة إلى حد كبير.
تعدّ المتانة الميكانيكية للأبواب والنوافذ (الخشب أوالبلاستيك، النوافذ المفردة والمزدوجة، المفصّلات والأقفال، وجودة الزجاج، وما إلى ذلك) عاملاً مهمًا بشكل خاص لعرقلة أو منع عمليات السطو والسرقة.
من الضروري عند تقييم المتانة الميكانيكية، مراعاة عنصر النافذة أو الباب ككلّ، و يشمل ذلك الإطار المحيط وثباته في مكانه، وأسطح النوافذ والأبواب (بما في ذلك الألواح الزجاجية)، وموضع وقوة المفصّلات والمزالج، وكذلك آليات القفل (انظر نظام القفل). تتوفرتشكيلة واسعة من النوافذ والأبواب المقاومة للسرقة والمتوافقة مع معايير كلٍّ من VdS و EN و DIN.
الحماية الميكانيكية للمعروضات
تحتاج المقتنيات المعروضة في المعارض إلى حمايةٍ بما يتناسب مع خصوصية الأعمال الفنية ونوع العرض التقديمي. ينبغي دائماً تأمين المعروضات بطريقة تعيق تحريكها أو نقلها من مكانها بسرعة – أوعلى الأقل تأخيرها – سواءً كانت المعروضات قائمة بذاتها، أو مثبتة على قاعدة، أوعلى الجدران. لهذا الغرض، تستخدم مسامير أو براغي خاصة للتثبيت، لا يمكن حلها أو إزالتها إلا باستخدام معدّات خاصة.
في كثير من الحالات، من الممكن تقديم الأعمال الفنية ضمن خزائن حافظة خاصة تعزلها عن التماس المباشر مع الزوار، أو إنشاء مسافة عازلة عن طريق الحواجز (حتى لو اقتصرت على كونها شكلية فقط). توفر الخزائن الحافظة للمعروضات ذات المقاومة الميكانيكية العالية حماية أفضل ضد السرقة وبشكل خاص أثناء ساعات العمل، وكذلك تحمي المعروضات من التلف أثناء عمليات السرقة.
أنظمة القفل
للتحكم في الدخول والخروج ولضمان الإغلاق الآمن لجميع الأبواب (والنوافذ) في المنشآت الكبيرة، لابدّ من استخدام نظام القفل العام.
يجب توزيع المفاتيح المعنية وفقاً لتراخيص الدخول الممنوحة، ويجب توثيق أي إصدار والإبلاغ عن أي مشكلة تتعلق بفقد المفاتيح بالتفصيل وبكلّ بوضوح فور حدوثها لتجنب أي خسارة. يفضّل أن يقتصر منح المفتاح الرئيسي (الماستر كي) لكبار الموظفين، و الاحتفاظ بنسخة احتياطية في مكان آمن لحالات الطوارئ (في خزنة خدمة المطافئ مثلاً). لا ينبغي منح العمّال الخارجيين – مثل عمّال النظافة الخارجية – أي مفاتيح تسمح لهم بالدخول إلى أماكن المعروضات التي ينبغي تأمينها بدون رقابة.
لضمان جودة كل مايتعلّق بجودة أقفال ومقابض الأبواب، ينبغي الرجوع إلى إرشادات VdS ومعايير EN و DIN (مثل VdS Guideline 2201 – “Cylinder locks”، و”الأقفال الأسطوانية” – VdS Guideline 2156، و”لوحات الأبواب”- VdS Guideline 2113). تعرّف هذه المعايير المتطلبات النوعية لكل مايتعلق بالمنتجات ذات الصلة بنظام القفل (رفع مستوى الأمان في أجزاء القفل لاستشعار أي خطر كمحاولة تخريبه) وغير ذلك من أمور يجب مراعاتها عند تركيب أبواب من فئات مقاومة محددة.
II-تدابير الأمان الإلكترونية
تشمل تدابير الأمان الإلكترونية جميع الأنظمة التقنية التي تطلق إنذاراً عند اقتحام المنشأة و تحريك المعروضات من أماكن عرضها، وكذلك أنظمة السماحية لبعض الأشخاص للدخول استثنائياً إلى مناطق معينة محمية، و أنظمة رصد هذه المناطق والإبلاغ عن الحاجة للاستنفار والدعم الفوري. لاتمنع التدابير الإلكترونية السرقة بشكل مباشر، ولكنها تلعب دوراً حاسماً في إطلاق الإنذار المبكر عند محاولة السطو على المبنى أو أماكن العرض والمعروضات، مما يُطيل زمن الإعاقة ويعرقل الجناة.
لا يمكن أن تؤدي الأنظمة الإلكترونية بمفردها وظيفتها الأمنية بفعالية إلا إذا تم التخطيط لها وعملت بشكل تكاملي مع باقي مكونات نظام الأمن (كما هو موضح في خطة الأمان أعلاه).
نظام الإنذار ضد الإقتحام والسرقة
يعدّ هذا النظام في كل متحف – بغض النظرعن أبعاده واتساعه – أحد اللبنات الأساسية لنظام الأمان. يشتمل هذا النظام على لوحة التحكم المركزية، جهاز الإرسال أو بثّ الإشارة، وأجهزة الاستشعار المتصلة بلوحة التحكم المركزية عن طريق شبكة الإتصالات السلكية أو اللاسلكية.
تقوم الجمعية الألمانية لشركات التأمين على الممتلكات VdS بتصنيف أنظمة الإنذار ضدّ السرقة EMA على أساس الخطورة في واحد من ستة مستويات أمان (1=أدنى خطورة، 6=أعلى خطورة – وفقاً لتوجيهات الدليل VdS Guideline 2311 لتخطيط وتركيب أنظمة إنذار كشف الاقتحام). استناداً إلى مستويات الأمان المذكورة أعلاه، يتم تصنيف نظام الإنذار والمعدّات الكاشفة في واحدة من الفئات الثلاث A أو B أو C التي حددتها جمعية VdS. واعتباراً من مستوى الأمان 3، يغدو أمراً إلزامياً على المنشأة أن تركب نظام إنذار من الفئة C المنصوص عليها في دليل VdS (ثمة حالات تُستثنى من هذه القاعدة بقرارٍ من الشرطة أو شركة التأمين).
يتم تصنيف المتاحف ودور المحفوظات والمكتبات – أو على الأقل مرافقها كصالات العرض، والمستودعات، والأماكن التي تحتوي على مقتنيات فنية قيّمة – نظراً للمخاطر التي قد تؤدي إلى خسائر كبيرة في درجة الأمان 3، وهذا يتطلب بالضرورة تركيب نظام الإنذار ضدّ السرقة EMA وفقاً لما تنصّ عليه الفئة C(دليل VdS).
تشير أنظمة الإنذار ضدّ السرقة من الفئة C (على عكس فئات VdS الأخرى) إلى الحماية القصوى ضد محاولات الاقتحام، والمراقبة الشاملة للإجراءات المتعلقة بالسلامة. لتعزيز نظام الإنذار وجعله أكثر فعاليّة، لابدّ من توفير البيانات المادية (المفتاح أو الشريحة)، بالإضافة إلى البيانات غير المادية (كلمة السر، الكود/الشيفرة).
عند تركيب نظام الإنذار ضدّ السرقة EMA في المتاحف، لابدّ من الاستعانة بخبير أمان معتمد من قِبَلِ هيئة VdS . يلتزم الخبير بالمواصفات الواردة في إرشادات دليل VdS، وتوثيقها في شهادة VdS .
يمكن لنظام الإنذار ضدّ السرقة EMA أيضاً القيام بمهام حماية الأشخاص في حالات السطو مثلاً (إذ يمكن استعمال مفتاح يدوي لإرسال إشارة إنذار من الاقتحام مباشرة إلى دائرة الشرطة). يمكن دمج النظامين: نظام الإنذار ضدّ السرقة EMA ونظام الإنذار في حالات السطو باختصاره المعروف (ÜMA)، أو تفعيلهما بشكل منفصل.
هناك أنواع مختلفة من أنظمة الإنذار ضدّ السرقة، تتمثّل مهمتها برصد أي محاولة اقتحام للمنشأة الثقافية، والإبلاغ عنها في أقرب وقت ممكن، ومنها:
– كاشفات أو سنسورات لحماية محيط المنشأة (مثلاً باستخدام الأشعة تحت الحمراء لعمل مسح للأشخاص الذين يقتربون من المبنى)،
– حماية المبنى من الخارج (إذ يتم إطلاق إشارة الإنذار فور اكتشاف أي حركة مشبوهة في محيط المبنى الخارجي، وذلك باستخدام حساسات مغناطيسية لمراقبة حركة الفتح والإغلاق، أوباستخدام أجهزة استشعار الاهتزازات لرصد محاولات اقتحام الحواجز الزجاجية)،
– الحماية الداخلية (استخدام أجهزة الاستشعار لرصد حركة الأشخاص في المنشأة)،
– حماية المعروضات (باستخدام أنظمة أمان خاصة لرصد الأعمال الفنية ومراقبة اللوحات مثلاً).
لايتسع المجال هنا للحديث أو شرح كيفية عمل أجهزة الاستشعار، إذ تم توصيفها بالتفصيل في إرشادات الدليل VdS بنسختيه 3511 و 2311.
يسمح نظام الإنذار ضد السرقة أيضاً بأداء مهام أمنية مختلفة، للمتحف ككلّ أولأجزاء مختلفة منه، سواءً خلال ساعات العمل أو بعد إغلاق الأبواب. يمكن تشغيل جميع الكاشفات أثناء الليل على سبيل المثال، بينما يتم إيقافها أثناء النهار فقط في مناطق تواجد الزوار والموظفين. أما بالنسبة للكاشفات في المستودعات والتي لايتم تفقدها بانتظام، فمن الضروري تفعيلها لتؤدي وظيفتها دون انقطاع، ويُمنع إيقافها إلا من قبل الموظفين المختصّين وفي حالات الضرورة القصوى. يمكن للكاشفات المثبتة على النوافذ أو المعروضات أن تظل في الخدمة بشكل دائم ويمكن إيقافها عن العمل في أوقات التنظيف فقط، أوعندما يتطلب الأمر تغيير موقع المعروضات.
قد تتعارض الإجراءات المذكورة أعلاه مع بعضها البعض، إذ لايتفق الالتزام بالحفاظ على مخارج للنجاة مفتوحة مع إبقاء الأبواب مغلقة لمنع السرقة، ولحل هذه الإشكالية تستخدم المتاحف ودورالمحفوظات والمكتبات نظام حماية مخارج النجاة (RWS). يضمن هذا النظام فتح الأبواب المغلقة في حالات الطوارئ بعد أخذ الموافقة من السلطة المسؤولة عن المبنى.
يمكن دمج هذا النظام مع أنظمة الأمان الأخرى في المنشأة، إذ يمكن أن تكون مربوطة مع نظام الإنذار ضد السرقة لتفعيل عملية القفل، أو مع نظام إنذار الحريق المركزي لإرسال إشارة لفتح الأقفال في حالات نشوب حريق أو حدوث أي طارئ آخر.
يمكن أيضًا دمج أنظمة التحكم في الدخول (انظر أدناه) مع نظام الإنذار ضد السرقة لمنح حق الدخول فقط للموظفين المعتمدين إلى المناطق المحظورة أمنياً على سبيل المثال، كما يمكن وصلها مع كاميرات الفيديو للتحقق من هوية الأشخاص وصحة تصاريح الدخول.
إذا التقط الكاشف في جهاز الإنذار إشارة وقوع الهجوم كما ينبغي، فإن اللوحة المركزية لنظام الإنذار ضد السرقة تقوم بتفعيل الأمر، فينطلق الإنذار. ينطلق الإنذار بعدة أشكال، إذ يمكن أن يقتصرعلى إنذار الموجودين داخل المنشأة (كالقائمين على المنشأة والمسؤولين عن الأمن)، كما يمكن أن ينطلق الإنذار إلى خارج المنشأة (عن طريق الإشارات المرئية والرسائل الصوتية لسكان الجوار والمارة في الشارع)، أو ينطلق الإنذار عن بعد ( عن طريق الاتصال الهاتفي مع دائرة الشرطة أو مركز استقبال الإنذار في شركة أمنية). ويتم الإنذار عن بعد – بحسب إرشادات دليل VdS – عندما يكون جهاز الإنذار ضد السرقة من الفئتين B أو C.
أنظمة التحكم بالدخول
يضمن استخدام أنظمة التحكم بالدخول منع التواجد في مناطق أوقاعات معينة (مثل المستودعات، أومركز الأمن) إلا للموظفين والأفراد المرخص لهم. يتطلب ذلك أجهزة قراءة بطاقات نظام التحكم على مداخل الأبواب للتحقق من تصاريح الدخول. تتعرف منظومة قراءة البطاقات على تصاريح الدخول استناداً إلى البيانات الميكانيكية، الإلكترونية، وكذلك البيومترية، وتفرزها لتسمح/أو لاتسمح للأفراد بالدخول وفقاً للمعطيات.
يمكن أيضاً استخدام نظام التحكم بالدخول لتسجيل بيانات زمن الدخول والمغادرة، وهوية الأفراد الذين دخلوا، طالما تمّت قراءة بيانات تصاريح الدخول وتمّ التعرف على حامليها.
المراقبة بالفيديو
تزايدت أهمية استخدام تقنية الفيديو في المتاحف على وجه الخصوص، على الرغم من أن دورها لايتجاوز الدعم للمنظومة الأمنية، ولايمكن اعتبارها بديلاً عن وجود القائمين على المنشأة أو حراس الأمن. يلعب وجود كاميرات الفيديو على مرأىً من الموجودين دوراً مهماً في زرع الخوف في نفوس الجناة. تستخدم كاميرا الفيديو لمراقبة الأوضاع في القطاعات الرئيسية بدقّة كبيرة، بالإضافة إلى التقاط الصور لاستخدامها لاحقاً في تقييم مجريات الأحداث. علاوةً على ذلك، تسهّل الكاميرا المتطورة تقنياً عملية التعرف على الجناة.
ينبغي دائماً مراعاة قوانين حماية خصوصية البيانات الشخصية المعمول به في أوروبا، والإشارة إلى وجود نظام المراقبة بالفيديو بلافتات تحمل رمزاً واضحاً، أو ماشابه ذلك.
لعلّ أهم تطبيقات المراقبة بالفيديو في المتاحف هي:
– مراقبة وتسجيل حركة مرور الزوّار بهدف “توسيع” نطاق الرقابة من قبل الموظفين، وتتبّع أي فعل إجرامي لم يكتشف إلا بعد مرور بعض الوقت.
– التعرف على هوية الزوّار “المشبوهين” وتقييم الفعل الإجرامي، وتوصيفه رسميّاً عن طريق تسليم المواد التي تم تصويرها وتسجيلها إلى الشرطة.
– مراقبة مخارج النجاة.
– التحقق من الإنذارات: بعد انطلاق إشارة نظام إنذار ضد السرقة، أو نظام الكشف عن الحرائق، أو من نظام إنذار الفيديو ذاته (كاشفات الحركة)، يقوم حراس الأمن أولاً بالتأكد من معطيات الموقف في منطقة الإنذار دون الحاجة إلى التدخل شخصياً بشكل مباشر. إذا اتضح أنه كان إنذاراً خاطئاً، فلا داعٍ للتدخل واستنفار القوى البشرية أو الاستعجال بإبلاغ الشرطة.
– كبديل أو داعم لمراقبة ورصد التحركات في المحيط (راجع نظام الإنذار ضد السرقة أعلاه) في مسرح الحدث من خلال استخدام أجهزة استشعار الحركة (يتم الكشف عن تغييرات الصور الناتجة عن الحركة وتحليلها، ثم الإبلاغ عنها إذا تمّ تجاوز معايير محددة سلفاً في النظام، كأبعاد الجسم المتحرك على سبيل المثال: “أكبر من قطة”).
بالإضافة إلى ذلك، تساهم درجة الإضاءة الخارجية المناسبة لنظام المراقبة بالفيديو في زيادة الرهبة والخوف عند الجناة.
III. التدابير التنظيمية لشؤون الموظفين
تكون الإدارة مسؤولة عن تقدير وتوثيق المخاطرعلى الممتلكات الثقافية، وتحليلها وتقييمها على أكمل وجه، وكذلك تنفيذ التدابير والاجراءات المنصوص عليها في خطة الأمان.
لضمان تفعيل خطة الأمان والسلامة “للكنوز الفنية”، لابدّ من التركيز على أهمية التدابير التنظيمية وشؤون الموظفين، وذلك لدورهم الداعم في عملية اتخاذ القرارات في المنشأة الثقافية، وضمان التطبيق الصحيح للتدابير الأمنية الميكانيكية والإلكترونية، ومراقبة فعاليتها بانتظام، وتوظيف التقنيات التكنولوجية لخدمة عناصر جهاز الأمن في المنشأة.
في إطار هذه المسؤولية يتم كلّ ممّايلي:
– تعيين مدير الأمن المسؤول عن جميع التدابير الأمنية، وتنسيقها ومراقبتها المستمرة لفعاليتها، وكذلك وضع مقترحات لتحسين الأداء.
– تدريب الموظفين على مواجهة حالات الطوارئ وكيفية التعامل معها.
– خطط الطوارئ والإخلاء (هناك أمثلة تم ذكرها في الدليل VdS-RL 3434 “مبادئ توجيهية لتصميم خطط الإخلاء وإنقاذ الممتلكات الفنية و الثقافية”)
– تصريحات الدخول بحسب معطيات الأمن الداخلي للمنشأة، والتحكم بالدخول لتقليل السرقة التي ينفذها “مجرمو الداخل”، وكذلك تعريف وتنظيم المناطق الأمنية.
– تعليمات استخدام معدّات الأمن الميكانيكية والإلكترونية.
– عدد وتوزيع موظفي المراقبة والأمن، وتخصيص شواغر دائمة لهم داخل المنشأة، أو نقل هذه الوظائف إلى موظفين خارجيين وإجراء تدريب منتظم لهؤلاء الموظفين.
– تنظيم مراقبة أماكن العرض والأماكن المتاحة للعامّة، و التأكد إذا ماكان ثمة أشخاص غرباء يجولون في المنشأة بعد إغلاقها.
– تحديد العلاقات مع العمال الخارجيين ورصد تحركاتهم (مثل عمال التنظيف، وصيانة النظم التقنية)
– إعداد لائمة بشروط استخدام العناصر البحثية في مجموعة المقتنيات، بحيث تكون متاحة للبحث العلمي شريطة الالتزام بالشروط (لا يُسمح باستخدام المعاطف والحقائب، وضع علامات على أشرطة أمان الكتب الإلكترونية، والامتناع عن توفير أدوات للكتابة بالحبر، وما إلى ذلك).
يعد الجرد الكامل المسبق لعناصر مجموعة المقتنيات أحد أهم المتطلبات الأساسية لحماية الممتلكات الفنية والثقافية، وهو إجراء حيوي يساعد في تتبع المقتنيات حتى بعد حدوث عملية السرقة، وتقديم دليل على ملكيتها الأصلية. يجب الاحتفاظ بقائمة الجرد في منطقة آمنة محمية بنظام الإنذار ضدّ السرقة. يجب تخزين قوائم الجرد على حاملات البيانات، والاحتفاظ بنسخة احتياطية منها على الأقل في مكان آمن (من المفضّل أن يكون خارج المنشأة).