8 المناخ
يُعتبر المناخ الداخلي في المنشأة الثقافية ذا أهمية خاصة لحماية المجموعات الفنية والتحف القيمة من التآكل والتلف. يجب أن تكون الظروف المناخية داخل المنشأة متناسبة مع خصائص الأعمال الفنية وملبية لمتطلبات حفظها. من الضروري أن يتم ضبط ظروف المناخ الداخلي في المنشأة والحرص على تجنب حدوث أي تغييرات مفاجئة في القيم المناخية الأساسية. كما لابدّ من مراعاة النسيج الداخلي للمبنى وخصائصه وتجهيزاته التقنية. قد تسبّب القيم المناخية المتطرفة (ارتفاعاً أو انخفاضاً) تلفاً في البنية الهيكلية للمنشأة، وذلك نتيجة لعدة عوامل مثل تكاثف بخار الماء، أو نمو مستعمرات العفن على الأسطح.
كيف يمكن تهيئة الظروف المناخية المُثلى في المنشأة؟ يتعرض المناخ الداخلي للتفاعل مع المناخ الخارجي على مدار الساعة وفي كافة فصول السنة، ونتيجةً لذلك ستكون الظروف المناخية الداخلية عرضة لتقلبات كبيرة، ولهذا لابدّ من الإستعانة بالأنظمة التقنية المناسبة بشكل دائم. تعد تأثيرات الإجراءات والتدابير الهيكلية وسلوك المستخدمين على مناخ المنشأة محدودة جداً. لذلك من الضروري تحديد مدى الحاجة إلى الأنظمة التقنية المناسبة لضبط المناخ الداخلي وتوفير الظروف البيئية المطلوبة والضرورية للحفاظ على المبنى و المحتويات.
I- الجوانب الهيكلية الفيزيائية
المناخ الداخلي والممتلكات الثقافية
يمكن وصف المناخ الداخلي للمنشآت بشكل عام من خلال القيم المقاسة لدرجات الحرارة والرطوبة النسبية. يعدّ ضبط المناخ الداخلي أمراً حيوياً وضرورياً لحماية الممتلكات الثقافية والتحف القيّمة نظراً لأن العديد من المواد و العناصر المكونة لها (كالخشب والورق والبردي والمعادن) تتفاعل مع الظروف المناخية. أما بالنسبة للمواد والعناصر ذات الطبيعة المسامية (مثل الجص والخشب و القرميد و ملاط البناء) فإن الهواء الموجود في المسامات يتفاعل مع الظروف المناخية داخل المنشأة، مما قد يؤدي إلى زيادة الرطوبة أو زيادة جفاف المسام، وتعرّف هاتان العمليتان بالإمتزاز (الإمتصاص) و عكسها الإنتزاز (المجّ)، على التوالي، وتؤديان – تبعاً لطبيعة المكونات – إلى انتباج المادة أو انكماشها. يؤدي ارتفاع معدل الرطوبة النسبية إلى صدأ وتآكل المواد المعدنية. لاتلعب الرطوبة النسبية في الوسط المحيط بالقطع الفنية بقدر تأثير الرطوبة المطبّقة مباشرة على سطح القطعة الفنية، والتي تتأثر بدورها بدرجة حرارة سطح القطعة الفنية وتتفاعل معها.
يوفر دليل عمل AMEV (اختصاراً عن الألمانية Arbeitskreis Maschinen- und Elektrotechnik staatlicher und kommunaler Verwaltungen وهي الإرشادات التي نشرتها مجموعة العمل الخاصة بالهندسة الميكانيكية والكهربائية للإدارات المحلية والبلديات والمتوفرة على الموقع باللغة الألمانية www.amev-online.de) التوجيهات حول القيم المناخية المثلى داخل المنشآت، وذلك بما يتناسب مع خصوصية ووظيفة كل منشأة. تعتبر التقلبات في معدلات الرطوبة النسبية في داخل المبنى بشكل دائم خلال اليوم أو طوال العام أمراً بالغ الجدية و الحساسية. لذلك لابد من تحديد القيم المناخية المناسبة حفظ الأعمال الفنية، والنطاق الآمن لتأرجح قيم الرطوبة النسبية والتقلبات المسموح بها (على مدار اليوم/ السنة) دون أن تتعرض محتويات المنشأة لمخاطر التلف والتآكل. يقدّم كتاب ” المجموعات الفنية في أمان” ( العنوان الألماني “Sammlungsgut in Sicherheit”) لمؤلفه غونتر.س.هيلبرت الصادر عن دار نشر غيبرودر مان، برلين، بعض المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع.
المناخ الداخلي والمباني
لابدّ من مراعاة الشروط المناخية والبيئية التي تضمن الحفاظ على المبنى و خصائصه الهيكلية و التقنية، وذلك إلى جانب تحديد الظروف البيئية الداخلية المثلى المطلوبة لحماية المجموعات الفنية ومحتويات المنشأة. بناءً على معيار العزل الحراري للمبنى، لابدّ من الإشارة إلى أن لتجاوزالرطوبة النسبية حدّاً معيناً نتائج سلبية تتمثل بحدوث أضرار لمحتويات المنشأة و نسيج المبنى.
عند التخطيط لتكييف المبنى بغرض حماية الممتلكات والمجموعات الفنية في منشأتك، ينبغي التحقق أولاً من أن قيم التكييف المقترحة مناسبة ولن تلحق أي ضرر بالمبنى. ولهذا الغرض يجب اختبار وتقييم العزل الحراري لكافة العناصر الهيكلية التي تفصل القاعات والمرافق المكيفة عن غير المكيفة، أو عن الظروف المناخية خارج المنشأة. يمكن للمتخصصين في فيزياء المباني أو الإستشاريين في مجال العزل الحراري والحماية من الرطوبة إجراء مثل هذه التحليلات. إذا أظهرت الاختبارت أن القيم المناخية الداخلية التي تمّ إقرارها ستؤدي إلى الإضرار بالمبنى، سيكون من الضروري إعادة النظر في الإجراءات الممكنة لتحسين العزل الحراري للمبنى. أما بالنسبة للمباني الجديدة، فيجب ضبط العزل الحراري للمبنى بشكل أساسي بما يتناسب مع الظروف المناخية الداخلية المطلوبة. عادةً ما تكون قيم العزل الحراري المرتبطة بالمناخ الداخلي للمنشأة أعلى من تلك التي تم تقديرها في اللوائح الناظمة لكفاءة استخدام الطاقة في ألمانيا (والتي تعدّ معاييراً ملزمة في البناء).
تكاثف بخار الماء وتشكّل مستعمرات العفن
لنتمكن من فهم أسباب تكاثف بخار الماء (التكثيف) وتشكّل العفن لابد من معرفة ارتباط الجوانب الهيكلية ببعض الخصائص الفيزيائية. يشتمل الهواء على الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون ومجموعة من الغازات الأخرى والغازات الملوثة إلى جانب بخار الماء. هذا يعني أن الهواء قادر على امتصاص الرطوبة، و تعتمد كمية الرطوبة التي يمكنه امتصاصها على درجة حرارة الهواء. يمتص الهواء البارد كمية صغيرة فقط من بخار الماء، بينما يمكن للهواء الدافئ امتصاص كميات أكبر من بخار الماء. وبالتالي فإن درجة تشبّع الهواء بالرطوبة يزداد مع ارتفاع درجة الحرارة.
يوضح الرسم البياني في الشكل 1 ما ذكرناه عن تشبع الهواء بالرطوبة، إذ يمثل الخط الفاصل بين المنطقتين البيضاء والصفراء خط التشبع بالرطوبة وارتباطه بدرجة حرارة الهواء. الرطوبة المشبعة هي أقصى كمية من بخار الماء يمكن للهواء امتصاصه عند درجة حرارة معينة.
الشكل 1: العلاقة بين رطوبة الهواء ودرجات الحرارة
تُستخدم مصطلحات كلٍّ من الرطوبة النسبية والرطوبة المطلقة لتقييم الظروف المناخية. تُعرّف الرطوبة المطلقة للهواء على أنها عدد غرامات الماء لكل متر مكعب من الهواء (جم / م3). تشير الرطوبة النسبية إلى نسبة الرطوبة المشبعة التي تم الوصول إليها. نظراً لأن الهواء الدافئ مشبع بالرطوبة (كتلة بخار الماء) بدرجة عالية مقارنة بالهواء البارد، ولذلك – عند قيمة الرطوبة النسبية ذاتها – فإن رطوبة الهواء الدافئ، كقيمة مطلقة، أعلى من رطوبة الهواء البارد. وبالتالي، فإن الهواء الخارجي الذي تبلغ درجة حرارته 0 درجة مئوية مع رطوبة نسبية 90٪ (على الرغم من الرطوبة النسبية العالية) سيكون أكثر جفافاً من الهواء الداخلي الذي تبلغ درجة حرارته 20 درجة مئوية مع رطوبة نسبية 50٪. هذا ما يفسّر جفاف الهواء الداخلي وانخفاض رطوبته عند القيام بتهوية المكان على الرغم من الرطوبة النسبية العالية للهواء الخارجي.
هذا يعني باختصار أنه حتى لو كانت درجة الحرارة منخفضة والرطوبة النسبية عالية في الهواء الخارجي، فإن التهوية ستؤدي إلى تجفيف الهواء الداخلي في القاعات التي يتم تدفئتها.
أما فيما يتعلق بالتكاثف، فيمكن الإستنتاج مما سبق أنه إذا تم تبريد كمية من الهواء بدرجة حرارة معينة ورطوبة معينة، فإن الرطوبة النسبية ستزداد باطّراد بينما تظل الرطوبة المطلقة ثابتة. يُشار إلى درجة الحرارة التي تصل فيها الرطوبة النسبية إلى 100٪ تماماً نتيجة التبريد على أنها نقطة الندى.
تعتمد درجات حرارة نقطة الندى في داخل المنشأة إلى حدّ كبير على ماهية استخدام المكان ووظيفته. كما ينبغي أيضاً أن نضع في الحسبان أن بخار الماء (الرطب) هو أحد المنتجات الأساسية عملية الاستقلاب عند البشر، وذلك بحسب نشاطه. في أماكن المعيشة والمساكن، يحمل الهواء الرطوبة باستمرار كنتيجة لأنشطة مثل الطهي والغسيل والإستحمام وتجفيف الملابس، وكذلك من النباتات والحيوانات الأليفة وأحواض الأحياء المائية. لا يحدث هذا الأمر بالقدر نفسه في المكاتب أو في المتاحف ودور المحفوظات والمكتبات. عند القيام بتدفئة المنشأة، يكون الموظفون والزوار مسؤولين عن زيادة الرطوبة في المكان، وذلك عن طريق الملابس الرطبة (المعاطف والمظلات والأحذية) على سبيل المثال. يمكن افتراض أنه نتيجة للتبادل الطبيعي للهواء عبر فتحات المفاصل أو عند فتح الأبواب والنوافذ – في فصل الشتاء على وجه الخصوص – سيصبح الهواء في الداخل أكثر جفافاً ما لم يتم توفير الترطيب اصطناعياً. سنوضح ذلك من خلال المثال العددي البسيط التالي.
وفقًا للشكل 1 (أعلاه)، تبلغ نسبة تشبع الهواء بالرطوبة 4.85 جم / متر مكعب عند 0 درجة مئوية. هذا يعني أنه إذا كان حجم الهواء عند درجة حرارة 0 درجة مئوية ورطوبة نسبية 100 ٪ ، فإن الرطوبة المطلقة تساوي بعد ذلك الرطوبة المشبعة وتبلغ 4.85 جم / متر مكعب. إذا تم تسخين هذا الهواء إلى 20 درجة مئوية، فإن الرطوبة المطلقة تبقى كما هي. ومع ذلك فإن تشبع الهواء بالرطوبة يتغير، لأن الهواء قادر على امتصاص الرطوبة عند 20 درجة مئوية بشكل يفوق مايمكن امتصاصه عند 0 درجة مئوية. تبلغ رطوبة التشبع عند 20 درجة مئوية 17.3 جم / متر مكعب. تُعرَّف الرطوبة النسبية بأنها نسبة الرطوبة المطلقة إلى الرطوبة المطلقة العظمى (الرطوبة المشبعة)، وذلك عند درجة الحرارة نفسها، والتي في هذه الحالة هي 28 ٪. يوضح هذا المثال العلاقة بين درجة الحرارة والرطوبة.
يجب ألا تتجاوز الرطوبة النسبية قيماً معينة وإلا فقد تتسبب في أضرار تقنية للمبنى. يعود هذا لتدفق الحرارة من عناصر المبنى الخارجية ( مايسمى بالعناصر الموصلة أو الناقلة للحرارة)، مما يؤدي إلى انخفاض درجة حرارة الأسطح الداخلية عن درجة حرارة الهواء الموجود في داخل المنشأة. إذا كانت درجات حرارة الأسطح الداخلية هي نفسها أو أقل من درجة حرارة نقطة الندى في الهواء الداخلي، يمكن أن يتكاثف بخار الماء. يتم عادة تحديد درجة حرارة الأسطح الداخلية وفق معايير العزل الحراري في قوانين البناء المطبقة. يوضح الجدول 1 ذلك بمقارنة قيم مُعامل الناقلية الحرارية المختلفة (يُشار إليها اختصاراً بقيم U) لعناصر المبنى الخارجي، ودرجات حرارة السطح الناتجة (Toi)، وعتبات الرطوبة النسبية، (fGr) وعتبة الرطوبة النسبية التي تم تقديرها (fGr ؛ 0.8).
تحدّد القيمة U الناقلية الحرارية مُعبّراً عنها بمعدل نقل تيار الحرارة (بالواط) في متر مربع واحد من مساحة سطح الجسم، مقسوماً على الفرق في درجة الحرارة عبر الجسم مقدّراً بدرجة كلفن ووحدته واط/مترمربع/كلفن، أوW/(m²K). بمعنىً آخر، كلما كان الجسم معزولاً بشكل أفضل، كلما انخفضت قيمة الناقلية الحرارية U. ويتضح ذلك أيضاً من خلال درجات حرارة السطح الواردة في السطر الثاني من الجدول أدناه. يوضح الجدول أنه مع انخفاض قيم الناقلية الحرارية – أي مع زيادة العزل الحراري – ترتفع درجات حرارة السطح الداخلي لعناصر المبنى. عندما تبلغ قيمة U 1.4 W/(m²K) ، ستبلغ درجة حرارة السطح المتوقعة 13.6 درجة مئوية فقط في الظروف الاعتبارية، وتكون درجة حرارة السطح المتوقعة عند قيمة الناقلية الحرارية U التي تبلغ 0.4 W/(m²K) أعلى من السابقة بكثير إذ تصل إلى 18.1 درجة مئوية. كلّما ارتفعت درجة حرارة السطح، ارتفعت قيم محتوى الرطوبة المسموح بها. تشير قيمة عتبة الرطوبة النسبية إلى القيمة التي يتوقع حدوث تكاثف بخار الماء عندها على سطح الجسم المدروس. تشير عتبة الرطوبة النسبية المقدرة fGr ؛ 0.8 إلى مستوى الرطوبة النسبية التي تنشأ عنها مستويات رطوبة تهيئ المناخ المناسب لإنبات العفن على الأسطح المسامية لعناصر البناء.
الجدول 1. درجات الحرارة السطحية والرطوبة النسبية والرطوبة النسبية المقدرة المتعلقة بقيمة الناقلية الحرارية U للعنصر الخارجي من المبنى (في ظروف نموذجية)
– Toi هو درجة حرارة السطح عندما تكون درجة حرارة الهواء الداخلي 20 درجة مئوية، ودرجة حرارة الهواء الخارجي – 15 درجة مئوية، شرط انتقال الحرارة دون عائق.
– fGr هو عتبة الرطوبة النسبية أو الرطوبة النسبية عندما يكون من المتوقع تكاثف بخار الماء على الأسطح الداخلية عند بلوغ درجة حرارة الهواء الداخلي 20 درجة مئوية، ودرجة حرارة الهواء الخارجي – 15 درجة مئوية شرط انتقال الحرارة دون عوائق.
– fGr ؛ 0.8 هو عتبة الرطوبة النسبية المقدرة: الرطوبة النسبية الداخلية التي تنشأ عنها مستويات رطوبة تهيئ المناخ المناسب الذي يعزز نموّ العفن، وذلك عندما تكون درجة حرارة الهواء الداخلي 20 درجة مئوية، ودرجة حرارة الهواء الخارجي – 15 درجة مئوية ،شرط انتقال الحرارة دون عوائق على أسطح الأجسام.
القيم التي يعرضها الجدول 1 تستند إلى المعلومات المجموعة من مقاطع عرضية لعناصر المبنى المدروسة شرط وجود أي عوائق تحول دون توصيل أو انتقال الحرارة، ولا تأخذ في الإعتبار عادةً وجود أي مادة عازلة للحرارة. فيما يتعلق بالجسور الحرارية مثل حواف النوافذ أو زوايا الجدران الخارجية، يمكننا أن نتوقع قيم درجات حرارة السطح المنخفضة وعتبة الرطوبة النسبية ومستويات الرطوبة النسبية المقدرة. تهدف المقارنة في الجدول 1 بالمقام الأول إلى توضيح ارتباط درجة الرطوبة بدرجة العزل الحراري، أي على معامل الناقلية الحرارية (قيمة U). يمكن للقائمين على المنشأة معرفة وتحديد قيم U لعناصر البناء بالإستعانة بوثائق التخطيط أو عينات عناصر المبنى أو القياس المباشر للقيم في الموقع. كما يمكن أن يساعدك المتخصصون في فيزياء المباني والمهندسون و الاستشاريون في مجال العزل الحراري ومقاومة الرطوبة من تكوين فكرة واضحة عن الوضع في منشأتك.
لا تتأثر درجة حرارة الأسطح الداخلية فقط بمقياس العزل الحراري، بل تتعلق أيضاً بالتوصيل الحراري من الهواء إلى سطح العنصر. إذا تم إعاقة توصيل الحرارة للمعروضات بواسطة محتويات المنشأة (مثل خزائن العرض، والأرفف، والخزائن)، فيجب توقع انخفاض درجة حرارة الأسطح الداخلية للمعروضات. نتيجة لذلك قد تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون درجة حرارة نقطة الندى مسببة تكاثف بخار الماء.
لايعدّ تكاثف بخار الماء شرطاً أولياً لإنبات العفن، إذ أن المستويات المرتفعة للرطوبة في مواد البناء – نتيجة امتصاصها للماء أولتمتعها بالخاصية الشعرية – كافية لتوفير الرطوبة المناسبة التي تعزز إنبات العفن. استناداً إلى المعرفة الراهنة، يمكن افتراض أن قيمة الرطوبة النسبية داخل المباني (والتي يشار إليها باسم النشاط المائي) تبلغ AW = 80٪ الذي يعتمد على ضغط البخار المشبع (ضغط البخار المشبع هو أقصى ضغط يمكن أن يصل إليه حجم الهواء يكون عند درجة حرارة معينة) ما يكفي لتشكيل العفن على الأسطح. يعتمد ضغط البخار المشبع على سطح عنصر المبنى على درجة حرارة السطح. فيما يتعلق بإنبات العفن ، من الضروري أيضًا مراعاة أن تجاوز مستوى النشاط المائي لـ AW = 80٪ لفترة قصيرة لن يؤدي بالضرورة إلى حدوث ضرر، ولكن خطر نمو مستعمرات العفن يزداد إذا تجاوزت قيمة النشاط المائي AW = 80٪ على امتداد وقت أطول. يوضح الجدول 1 أيضاً العلاقة بين عتبة الرطوبة النسبية وعتبة الرطوبة النسبية ال فيما يتعلق بالخطر المحتمل لنمو العفن. يرجى الإطلاع على فصل الآفات والعفن لمعرفة المزيد عن نمو العفن على المعروضات والأعمال الفنية.
لا ينمو العفن نتيجة للتفاعل بين المناخ الداخلي ودرجات الحرارة السطحية لعناصر المبنى فقط، بل يمكن أن يتكون نتيجة الرطوبة من مصادر أخرى. مثل الواجهة غير المقاومة بشكل كافٍ للعوامل الجوية، أو نتيجة لعدم عزل الجدران أو الأسقف، أوتسرب المياه من أنابيب شبكات الصرف وأنابيب نظام التدفئة (يرجى مراجعة فصل الحوادث/الأعطال.)
مع الأخذ في الإعتبار التفسيرات السابقة، تجدرالإشارة أيضاً إلى أن هناك أسباب متعلقة بإساءة الاستخدام وأسباب أخرى متعلقة بالتصميم والتي تساهم في بلوغ نقطة الندى وحدوث تكاثف لبخار الماء وإنبات العفن على الأسطح الداخلية لعناصر البناء بالنتيجة.
الأسباب ذات الصلة بالإستخدام: عندما يتجاهل المستخدمون لمبنى المنشأة ظواهر التكاثف المائي على النافذة ولايأخذونها على محمل الجد باعتبارها “مؤشراً طبيعياً” على ظروف المناخ الداخلي. عادةً ما تكون النافذة أضعف عنصر في المبنى من حيث العزل الحراري. تكون درجة حرارة الأسطح الداخلية لزجاج النوافذ عادةً منخفضة بالمقارنة مع درجات حرارة أسطح عناصر المبنى الأخرى. إذا كانت درجة حرارة الأسطح الزجاجية للنوافذ أقل من درجة حرارة نقطة الندى للهواء الداخلي، فسوف يتشكل بخار الماء تلقائياً على السطح الداخلي للزجاج.
الأسباب المتعلقة بتصميم البناء: عندما لا يكون الزجاج أضعف نقطة في العزل الحراري للمبنى، وبالتالي لا يؤدي دوره كمؤشر طبيعي على المناخ الداخلي. كذلك عندما لايتم التنسيق بين العزل الحراري للأسطح الزجاجية والظروف المناخية المصمّمة لحماية المعروضات والمجموعات الفنية داخل المنشأة. لتجنب مخاطر تكاثف بخار الماء، من الضروري للغاية إجراء تقييم للعزل الحراري لكافة العناصر الناقلة أو الموصلة للحرارة في المبنى خاصة في القاعات المكيفة، كما هو موضح أعلاه.
II- نظام التكييف
تعرّف المادة الثانية من الدليل الأوروبي بشأن كفاءة استخدام الطاقة للمباني EU2002 / 91 / EC نظام تكييف الهواء بأنه “مزيج من جميع المكونات اللازمة لتوفير شكل من أشكال معالجة الهواء يتم فيه التحكم بدرجة الحرارة (يمكن رفعها أو خفضها)، بالإضافة إلى تنظيم التهوية والرطوبة والتحكم بنقاوة الهواء”. وبالتالي يتم تعريف “نظام التكييف” بناءً على تعليمات الدليل الأوروبي والقوانين المعمول بها في ألمانيا – ونخصّ بالذكر مرسوم توفير الطاقة – كمايلي:
1. أنظمة التهوية (أنظمة التهوية والتكييف، انظر الجدول 1)
2. أنظمة التبريد الداخلي بدون وظيفة تهوية (أنظمة التبريد الداخلية، أجهزة تكييف الهواء الداخلية، إلخ.)
– لاتتأثر بالنظام
x يقوم النظام بالتحكم بها والقيم ثابتة داخل المنشأة
(x) يتحكم بها النظام ولكن القيم غير ثابتة داخل المنشأة
(المصدر تقرير FGK 14)
الجدول 2. أنواع أنظمة التكييف ووظائفها الديناميكية الحرارية (تشمل جميع أنظمة التهوية مرشحات أوفلاتر لتنقية الهواء).
من الضروري تزويد المنشأة بأنظمة التكييف إذا كانت الظروف الهيكلية للمبنى قاصرةً عن توفير الحماية المطلوبة والظروف المناخية المناسبة للمجموعات، أوفي المناسبات التي تضم أعداداً كبيرة من الوافدين تزيد عن استيعاب المكان. يؤثر توافد حشود الزوار في مناخ المنشأة، ممّا يشكّل تهديداً للمعروضات والمجموعات الفنية، فضلاً عن التسبب بإزعاج الموظفين وباقي الزوار، خاصة مع زيادة الحمولة الحرارية بسبب معدات الإضاءة، وإدخال الغبار والملوثات. علاوةً على ذلك، قد يتسبب فتح النوافذ بغرض التهوية بحدوث تقلبات حادة في درجات الحرارة أو الرطوبة.
يكون للمنشآت الجديدة والمباني التي تم تجديدها عادةً غلاف خارجي عازل بشكل كافٍ (كما هو محدد في قانون البناء)، لذلك تكون أنظمة التهوية مطلوبة لضمان تبادل الهواء بين الداخل والخارج ومعالجة نوعية الهواء. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يتم استخدام مواد تطلق الغازات والملوثات الضارة (مثل أبخرة المذيبات) عند إنشاء المباني وتأثيثها. يمكن إزالة هذه الغازات والملوثات أو العمل على تخفيضها إلى الحدّ الأدنى باستخدام أنظمة التهوية الداخلية، وذلك لتجنب إتلاف المجموعات الفنية أو الإضرار بصحة الموظفين والزوار.
عند التفكير باستخدام أنظمة التهوية الداخلية في المنشأة، من الضروري أولاً تحديد الخدمات والوظائف الفنية المطلوبة والضرورية لضبط مناخ المنشأة (التنقية، التدفئة، التبريد، الترطيب، التجفيف). ينبغي في الوقت نفسه مراعاة إستدامة الطاقة والتخفيف من استهلاكها قدر الإمكان عن طريق مجموعة من التدابير الهيكلية، أو بتصميم النظام الأنسب الذي يضمن توفير الطاقة.
إذا كنت حريصاً على استيفاء متطلبات الجودة وضمان مواصفات الأداء الأمثل لأنظمة معالجة الهواء والتهوية والتكييف في المنشأة، لابدّ من الإستعانة بخبراء واحترافيين في مجالات التشغيل والصيانة والخدمات ذات الصلة على مدار عمر هذه الأنظمة. يُلزم مرسوم توفير الطاقة الألماني (Energieeinsparverordnung، EnEV) كافة المنشآت بطرائق التشغيل والصيانة المنتظمة للأنظمة التي تستهلك الطاقة، وكذلك المعدات التي تضمن كفاءة استخدام الطاقة وذلك من قبل خبراء مؤهلين في هذا المجال، ضماناً للإستثمار الأمثل للطاقة المستخدمة لتشغيل أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء.
تؤثر الرطوبة بشكل كبير على الممتلكات الثقافية والأعمال الفنية الحساسة. من الممكن إنشاء مناخ صغير مستقل إلى حدٍّ ما عن المناخ الداخلي العام، بقليلٍ من الجهد. يمكن الحفاظ على الرطوبة النسبية ضمن حدود معينة في خزائن العرض (الفترينات الزجاجية) باستخدام مواد ماصّة للرطوبة – مثل الخشب أو المنسوجات – و / أو عن طريق استخدام محاليل ملحية، المزائج السائلة، أكياس هلام السيليكا ومواد التجفيف الأخرى التي لا تنبعث منها أي مواد ضارة.
تتيح خزائن العرض التي يتم ضبط شروط المناخ فيها حماية المعروضات القيمة بشكل مستقل عن الظروف المناخية في بيئة قاعة العرض. تعد هذه الخزائن مثالية أيضاً عند الإضطرار إلى تغيير ظروف قاعات العرض بشكل متكرر، كما هو الحال في المعارض المتنقلة.
تساهم أجهزة ومعدات الترطيب المحمولة أو الثابتة – مع مراعاة ضبط درجات حرارة الهواء في المحيط – في توفيرالرطوبة النسبية المثالية والمناسبة لظروف المنشاة إلى حدٍّ كبير شرط التحكم بالأجهزة.