10 الآفات والعفن
لم تبدأ دراسة تأثير المواد الملوثة الضارة المنبعثة من الهواء والمعدات على المقتنيات والممتلكات الثقافية بالتفصيل حتى وقت قريب نسبياً. ولم تدرس حتى الان سوى بعض العلاقات المعقدة بين المسبب والأثر الناتج. بيد أنه تم التسليم بالفعل بأن الممتلكات الثقافية معرضة لمخاطر التلف والتدهور والتآكل بسبب أنواع كثيرة من المواد الملوثة الضارة. وفي معظم الحالات، يسهم مزيج من الملوثات في التآكل والتلف. كما أن تأثير الملوثات على الممتلكات الثقافية يزداد حدّةً بفعل عوامل بيئية معينة مثل درجة الحرارة والرطوبة والضوء. يمكن أن تساهم التدابير الوقائية وإجراء تحليل شامل لخصائص الممتلكات الثقافية الموجودة في المخازن أو المعروضة في تخفيف أثر الملوثات على محتويات المتاحف والمكتبات ودور المحفوظات.
الملوثات في المنشآت الثقافية ؟
بقيت نوعية الهواء داخل أماكن المعيشة والعمل قيد النقاش في ألمانيا لسنواتٍ عديدة. يمكننا طمأنتكم وطمأنة العاملين والموظفين في المجالات كافة بإلزامية إعتماد المعايير لحماية الصحة، وهذا ما يمكن تطبيقه أيضاً في المباني السكنية الخاصة باستخدام مواد بناء صديقة للبيئة وخفيضة الإنبعاثات.
ومع ذلك، يدرك القليل من الناس أن الهواء الخارجي الملوث وكذلك تراكيز الملوثات داخل المتاحف أو المكتبات أو دور المحفوظات تمثّل خطراً جسيماً على ما تحتويه من المعروضات والتحف الأثرية القيمة. تُسهم منتجات التحلّل العضوي للمواد المحتوية على الأخشاب مثلاً، والتي تستخدم عادة لإشادة منصّات العروض على وجه الخصوص، في تعريض المنشآت للخطر. كما أن الأعمال الفنيّة نفسها تحتوي على موادّ عضوية يمكن أن تطلق مواداً تلوّث البيئة المحيطة بها.
انبعاثات المنشآت الصناعية | بصمات على سطح ترابي |
كما يؤثر الغبار ومايحتويه من مكونات (مثل أبواغ العفن) على جودة الهواء الداخلي في غرف التخزين وقاعات المعارض. وبالتالي فإن تجنب الملوثات مسألة حيوية وأساسية لحماية الممتلكات الثقافية.
المصطلحات
في إطار حماية الممتلكات الثقافية، يشير المصطلح العام جداً “الملوثات” في المقام الأول إلى المركبات العضوية المتطايرة الموجودة في حالة غازية بسبب إنخفاض درجة غليانها. تتّبع المراجع المتخصصة عادةً المصطلحات المستخدمة في اللغة الإنجليزية والتي تقسم هذه المواد إلى كل من:
• المركبات العضوية المتطايرة (VOC)
• المركبات العضوية شبه المتطايرة (SVOC)
• المركبات العضوية شديدة التطاير (VVOC)
من ناحية أخرى، يشكل الغبار حالة إستثنائية، إذ أنه يتجمع تبعاً لحجم جزيئات الغبار مكوّناً مجاميع من جزيئات الغبار الصغيرة (0.01 إلى 15-20 ميكرون)، أو مجاميع جزيئات الغبار الكبيرة (15-20 ميكرون).
كما يتم التمييز بين ملوثات الهواء الخارجي (الإنبعاثات من المصانع، وحركة السيارات، والهواء المالح) وملوثات الهواء الداخلي (الأبخرة المنبعثة من مواد البناء و/أو وسائط التخزين و/أو التغليف).
مصادر التلوث الضار
تدخل ملوثات الهواء الخارجي مثل الأوزون أو أكسيد النيتروجين أو ثاني أكسيد الكبريت إلى المبنى نتيجةً لتبادل الهواء بشكل مباشر من خلال فتحات البناء. كما يمكن أن تدخل كمية كبيرة من الملوثات من خلال النوافذ أو الأبواب أو أنظمة التهوية. يسهم تبادل الهواء بشكل محدود عبر الصدوع في المبنى في استمرار تركيز الملوثات داخل المنشأة.
تُعدّ المركبات العضوية المتطايرة المنبعثة من المواد المستخدمة في البناء (الأرضيات والجدران) مصدراً رئيسياً للملوثات في المتاحف ودور المحفوظات والمكتبات. وتشمل هذه المواد مواد البناء مثل الخرسانة والخشب، ولا سيما مواد العزل ومنع التسرب، فضلا عن المواد اللاصقة والطلاء التي تحتوي على المواد الراتنجية والمذيبات. علاوةً على ذلك، قد ينتج التلوث عن المواد المستخدمة في بناء هياكل المعارض ومنصات العرض، فضلاً عن الملوثات الناتجة عن خزائن العرض وأوساط التخزين والأثاث.
كما يمكن أن تطلق أو تطرح عناصر المجموعات الفنية نفسها مواد ملوثة إلى البيئة، وتسهم أيضاً في تركيزها داخل المنشأة أو قاعات العروض. وقد تكون هذه المركبات إما مركبات متطايرة من أصل عضوي (تحتوي على السليلوز أو البروتينات) أو قد تكون المواد المستخدمة للحفظ والترميم (مبيدات الآفات والبلاستيك والمذيبات وغيرها)، والتي يمكن أن تستمر في إطلاق المواد الضارة على مدى فترات طويلة للغاية.
أخيراً، قد يؤدي تنفس الزوار وعرقهم أيضاً إلى زيادة تركيز المواد الملوثة في قاعات العرض وغيرها من مرافق المنشأة المتاحة للزوار.
التفاعلات وأنواع الأضرار
يزداد إحتمال تلف الممتلكات الثقافية بسبب تفاعلها مع المركبات العضوية المتطايرة المختلفة. يعتمد تأثير الملوثات إلى حد كبير على نوعية المركبات وعددها وطبيعتها وتركيزها ومدة التعرض لها. تحفز العوامل البيئية مثل شدة الضوء، وإرتفاع قيم الأشعة فوق البنفسجية، وارتفاع الرطوبة ودرجات الحرارة التفاعلات الكيميائية. لازالت دراسة هذه التفاعلات بين الملوثات والعوامل البيئية مقتصرة على عدد محدود من البحوث العلمية.
من ناحية أخرى، فإن أنماط الأضرار الناتجة بشكل أساسي عن استخدام المركبات المحتوية على الكبريت أو الأحماض العضوية معروفة جيداً، والتي غالباً ما يكون لها مظهر مميز:
• الترسبات (منتجات التآكل، التزهير)
• تغير اللون (التصبغ، إختفاء اللون)
• اللزوجة (تخرب الأسطح)
• التحلل والتفتت (نتيجة للإنحلال الكامل)
تتميز الأضرار الناتجة عن الأحماض العضوية بالترسبات والتزهير التي تكون في الغالب على شكل إبر حادة. يؤدي تفاعل الأحماض العضوية مع المواد الجيرية (الحجر الجيري أو الرخام أو الطين) إلى ظاهرة التزهي، وإن لم يتم معالجتها ستؤدي إلى إذابة سطح الجسم بالكامل.
يمكن العثور في مجموعات التاريخ الطبيعي على نوع معين جداً من مظاهر الضرر، وهو مرض باين Byne’s Disease، الذي يصيب قواقع الرخويات أو قشور البيض المخزنة في أدراج خشبية من خشب البلوط.عند الإصابة يمكننا ملاحظة مسحوق أبيض على سطح المعروضات، نتيجة التفاعل مع المركبات العضوية في الخشب.
أعراض مرض Byne على قطعة أثرية للتاريخ الطبيعي | ترسبات بيضاء على قوقعة في متحف التاريخ الطبيعي |
لاتقتصر خطورة الأحماض العضوية على المواد الجيرية، بل إنها تتفاعل بشكل خاص مع المعادن وتؤدي إلى تآكل سبائك الرصاص والزنك والنحاس.
يتعدى ضرر الملوثات المعروضات الطبيعية والتاريخية إلى المواد المعاصرة، مثل مواد الأفلام السينمائية الحاوية على نترات السيللوز أو الصور الفوتوغرافية ووسائط البيانات التي تحتوي على خلات السيللوز، والتي تتلف تفاعلاتها الأفلام والصور حتى لو كانت مخزنة بشكل جيد. تطلق الأفلام المصنوعة من نترات السيللوز عند تحللها مركبات النيتروجين في البيئة، وتتركز هذة المركبات في علب الأفلام المغلقة، ويمكنها أن تُتلف مواد الفيلم نفسها. احتوت المواد البلاستيكية في السابق على خلات السليلوز أيضاً، ولذلك فهي تخضع أيضاً لعمليات تحلل مماثلة أثناء التخزين وتطلق الغازات الحمضية (حمض الخليك) التي تهاجم المواد وتتلفها. يتميز هذا التفاعل عادةً برائحة الخل، ويؤدي إلى تحلل الجسم أو تقلصه. لهذا السبب يعرف هذا الشكل من الضرر أيضا باسم “متلازمة الخل”.
للمركبات المحتوية على الكبريت، والتي تنبعث في كثير من الأحيان من المواد العضوية ومن المعروضات نفسها (الصوف والخشب)، تأثيرات سلبية على المقتنيات الأثرية التي يتم حفظها. على سبيل المثال ، يتسبب كبريتيد الهيدروجين ومركبات الكبريت الأخرى في تصبغ الأجسام الفضية باللون الأسود، وتغير لون الصبغات المحتوية على الرصاص في اللوحات الفنية، كذلك ظهور مايُطلق عليه “العفن الأحمر” على الجلود.
اسوداد القطع الفضية | العفن الأحمر على الأثاث المصنوع من الجلد |
يعتمد الضرر الذي يسببه الغبار على حجم جسيمات الغبار، إذ تلتصق الجسيمات الصغيرة من الغبار بسطح الشمع أو الورق أو القطع المصنوعة من الريش مشكلةً طبقة زلقةً من الأوساخ. بينما تترسب جسيمات الغبار الأكبر على كافة المعروضات. تخزن طبقات الغبار الرطوبة وتتفاعل مع الأسطح لتشكل تكتلات ترابية صلبة للغاية. نظراً لأن الغبار يحتوي في كثير من الأحيان على المكونات العضوية (التي تشكل مصدراً غذائياً للعديد من الحشرات) يمكن أن يكون سبباً في جذب الآفات وتفشي الإصابة بها، فضلاً عن أن بقايا عمليات التغذية تشكل نمطاً ثانوياً من الضرر.
قياس التلوث، تجنبه والتخفيف من آثاره
يمكن باستخدام الطرق النشطة وغير النشطة (السلبية) قياس ملوثات الهواء في الأماكن المغلقة. يتطلب الاختبار معدات تقنية، بالإضافة إلى المعدات المخبرية المناسبة. كما يمكن أن توفر التحاليل النوعية البسيطة المؤشرات الأولية الدالة على حجم التلوث في المكان.
تعتمد وحدات القياس المستخدمة لتقدير حجم حمولة الملوثات على حالة و كمية الملوثات الإجمالية. يتم تحديد التراكيز العالية كنسبة مئوية من الحجم (Vol %)، بينما تعطى التراكيز الأقل أجزاء من المليون أو من البليون (ppm/ppb)، وتقابل هذه الوحدة تركيز الملوثات في مليون (أو بليون) من أجزاء الهواء. أما وحدات كتل المواد السائلة والصلبة فهي ميكروغرام في المتر المكعب (μg/ m³).
ويتم أخذ عينات التلوث النشطة بشكل سريع في ظروف محددة، إذ يتم سحب حجم معين من الهواء من خلال مادة مرشحة (فلتر) ثم يتم تحليلها لاحقاً في المختبر باستخدام جهاز الكروماتوجرافيا الغازية وجهاز مطياف الكتلة. بمساعدة أجهزة الكشف المختلفة يمكن أيضاً تحديد تراكيز المكونات أثناء قياس الملوثات النشطة. بشكل عام ، توفر القياسات النشطة صورة دقيقة جدًا لطبيعة ومدى التعرض للملوثات.
من ناحية أخرى و في حالة أخذ العينات السلبية، لا يتم الحصول على نتائج نوعية، كما أن الحساب الكمي غير دقيق إلى حدٍّ كبير. بيد أنه كثيراً ما تستخدم أساليب أخذ العينات السلبية نظراً لطبيعة الطريقة غير المعقدة. في سياق أخذ العينات السلبية، توضع العينة في مكان الإختبار وتترك معرضة للهواء لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، خلال هذه المدة تمتص مادة الترشيح أية ملوثات موجودة، كما يتم تحليل العينة في المختبر بطريقة مشابهة لتحليل العينات النشطة. تتضمن عدة جمع العينات السلبية أنابيب العينات والحسّاسات (مستشعرات) الزجاجية أوالأشرطة معدنية، وتستخدم هذه الأخيرة في الكشف عن أكاسيد النيتروجين أو المركبات الكبريتية.
توفر الحسّاسات الزجاجية المصنوعة من بلورات سيليكات البوتاسيوم الحساسة بشكل خاص، أو الحسّاسات الزجاجية التي قام معهد فراونهوفر بتطويرها لبحوث السيليكات في فورتسبورغ الألمانية، صورة أوضح عن جودة هواء الغرفة. كما يتم وضع هذا النوع من الحسّاسات في قاعة العرض أو داخل خزانة عرض التحف لفترة طويلة من الوقت. تبين النتائج مقدار حمولة الهواء في المكان من الملوثات مقارنة بالهواء الخارجي، يتم إجراء التحليل في المختبر أيضاً، ويتم إجراؤه باستخدام مطياف الأشعة تحت الحمراء.
بالإضافة إلى أخذ العينات النشطة والسلبية، يمكن أيضاً تحديد مستوى الملوثات باستخدام الطرائق النوعية المختلفة للتحليل الكيميائي. وتشمل ما يلي:
إختبار أودي Oddy (مركبات الكبريت والأحماض العضوية)
إختبار بايلشتاين Beilstein (محتوى الكلوريد)
إختبار إزايد Azide (محتوى الكبريت)
إختبار يودات اليوديد Iodid-Iodat (الأحماض الطيارة)
يمكن الإطلاع على وصف مفصل لهذه الاختبارات وغيرها من اختبارات التلوث ذات الصلة بالمتاحف والمحفوظات على الموقع الإلكتروني لمجموعة العمل الدولية المعنية بجودة الهواء الداخلي (IAQ) على الرابط التالي: (Http://iaq.dk/iap/ia2003/iaq2003_08.pdf, retrieved on 27.11.2015).
ونورد فيما يلي لمحةً موجزة عن الإختبارين الأكثر شهرة، وهما إختبار أودي و إختبار بايلشتاين:
في إختبار أودي، يتم وضع شرائط الرصاص والنحاس والفضة مع المواد المراد اختبارها، في أنابيب اختبار زجاجية محكمة الإغلاق، وتتم إضافة حوالي 1 مل من ماء مقطر لمعادلة الرطوبة. من أجل تسريع تفاعل شريط الرصاص، تغمر الزجاجة المعنية بثاني أكسيد الكربون. يتم تخزين أنابيب الاختبار لمدة 28 يومًا في حاضنة مخبرية على حرارة 60 درجة مئوية. لتقليل مصادر الخطأ، ينبغي تحضير ثلاث إلى خمس مكررات لكل عينة من المادة التي يتم اختبارها.
إجراء إختبار أودي |
درجات مختلفة من التآكل على أشرطة الاختبار | تشكل القطرات على أشرطة الرصاص |
يجري تقييم نتائج إختبار أودي بالعين المجردة، ويتم تحليل النتائج وتفسيرها. على الرغم من أن الإختبار لا يضمن تحديد ماهية المكونات المختبرة، إلا أنه يعطي مؤشراً على حدوث التفاعل. على سبيل المثال، تشير آثار التآكل على الأشرطة الفضية إلى المركبات الكبريتية، بينما تتفاعل الأحماض العضوية بقوة مع أشرطة الرصاص، كما يشير تآكل شرائط النحاس إلى وجود الكلوريدات. عدم ظهور أي دليل للتآكل أو التفاعل على أشرطة الاختبار المعدنية، يعني أن المادة التي تم اختبارها آمنة.
يمكن تفسير نتائج اختبار أودي بشكل عام على النحو التالي:
خالية من التآكل: يمكن إستخدام المادة بشكل دائم.
خفيفة التآكل: يمكن استخدام المواد بشكل مؤقت (لغاية ستة أشهر).
شديدة التآكل: لايمكن استخدام المادة في بناء أماكن عرض وتخزين الممتلكات الثقافية.
يمكن أيضاً إجراء إختبار بايلشتاين بقليل من المعدات التقنية، و يوفر هذا الإختبار مؤشراً أولياً للتلوث الناجم عن مركبات الهالوجين، وخاصة مركبات الكلوريد الموجودة في البلاستيك. لاختبار مادة ما، يتم تسخينها جيداً على سلك نحاسي مسخن على لهب غاز، فإذا كانت العينة تحتوي على كلوريد، فسوف يتحول اللهب إلى اللون الأخضر. يمكن استخدام هذه الطريقة لاختبار وجود بولي كلوريد الفينيل PVC أو الملدنات الضارة في مواد التعبئة والتغليف، مثل المغلفات البلاستيكية التي تستخدم بشكل متكرر في المرافق الأثرية ودور المحفوظات لتخزين العملات المعدنية أو مواد الأرشيف المختلفة.
يستخدم جهاز مقياس الإنعكاس المتنقل أحياناً لتحديد تركيز الغبار في هواء المكان، وبالتالي تقدير مدى التلف الذي يمكن أن تتعرض له المجموعات الفنية والمعروضات الموجودة في قاعات العرض أو أماكن التخزين المفتوحة. تحدد أجهزة قياس الانعكاس لمعان الأسطح وتحسب بناءً عليه محتوى الغبار المتراكم. يسلط الجهاز الضوء على السطح المدروس بزاوية 60-85 درجة، ويقيس انعكاس الضوء ويحوله إلى وحدات لمعان (GU).
تتعرض المعروضات في قاعات العرض والمواد المخزنة في المخازن باستمرار لخطر الملوثات، نظراً لأن الملوثات تنتشر في جميع أقسام المتاحف ودور المحفوظات والمكتبات. هناك دعوات متزايدة لتحديد القيم الحدية للملوثات، إقتداءً بتلك المنصوص عليها في مجال الصحة المهنية. حرصاً على حماية الصحة، حدّدت الوكالة الألمانية الإتحادية للبيئة (UBA) حدّ الكمية المقبول من المركبات العضوية المتطايرة في أماكن العمل تتراوح بين 1 و 3 ملغم / متر مكعب. توصي الأبحاث الحديثة بتخفيض القيم الحديّة (يفضل أن تقلّ عن 0.3 ملغم / متر مكعب)، ولهذا قد نشهد الإلتزام بهذه القيم في المستقبل القريب.
وإلى أن يتم اعتماد هذه القيم الحدية وإتاحة المزيد من نتائج الأبحاث حول الآثار الضارة للملوثات على الممتلكات الثقافية، ينبغي لدور المحفوظات والمكتبات أن تتجنب أو تخفف من خطر الملوثات التي تلحق الضرر بمقتنياتها.
تتضمن إستراتيجيات الحدّ من الملوثات ما يلي:
· توفير أنظمة أبواب متعددة المستويات عند المدخل الرئيسي للمنشأة.
· إحكام إغلاق كافة فتحات المبنى غير المستخدمة.
يمكن إتخاذ بعض الإجراءات على المستوى الجزئي تفادياً لانتشار الملوثات. يجب أن يتم إحكام العزل الهوائي لمنع تسرب الملوثات إلى خزائن العرض الزجاجية وإطارات الصور واللوحات والمعروضات الحساسة بشكل خاص.
لتجنب انتشار الملوثات، لابدّ من إجراء التحليل الأولي الدقيق واختيار المواد الخالية من الإنبعاثات. من الضروري اختبار كافة المواد المستخدمة في بناء قاعات العرض ومرافق التخزين قبل استخدامها. وبالمثل، يجب اختيار العناصر والمواد الكيميائية المستخدمة لأغراض الترميم بعناية، مع الإشارة إلى المعلومات التي تتعلق بالتلوث الذي يمكن أن تسببه.
تعتبر المواد المدرجة في القائمة التالية آمنة لتخزين وعرض الممتلكات الثقافية:
· المعادن (شرط أن يكون مطلياً ودون تلامس مباشر مع الممتلكات الثقافية)
· الزجاج و البلاستيك (زجاج الأكريليك)
· السيراميك (الخزف)
· الأوراق والكرتون الخالي من الأحماض
· المنسوجات (غير المصبوغة وغير المبيضة أوالمغسولة)
· رغوة البولي إيثيلين (الإيثافوام، الميكروفوم)
· أفلام البولي إيثيلين (ميلار، ميلينكس)
علاوةً على ذلك، يمكن استخدام المواد التالية في عروض الممتلكات الثقافية لفترات قصيرة (ضمن المعارض المؤقتة)، شريطة ألا تكون على اتصال مباشر بالمعروضات:
· الأشرطة اللاّصقة المزدوجة ذات الأهداب والخطاطيف (فيلكرو)، شرط ألاّ تلامس المعروضات بشكل مباشر.
· أفلام النايلون والحبال، شرط ألاّ تلامس المعروضات بشكل مباشر
· دهانات الأكريليك، شرط ألاّ تلامس المعروضات بشكل مباشر
لابدّ من الحرص على استخدام المواد اللاصقة والمواد المانعة للتسرب لفترة محدودة فقط، مع الأخذ بعين الإعتبار تبخر الغازات منها قبل الإستخدام. كما يمكن استخدام أكريلات قابلة للذوبان (أكريلويد، بارالويد) أو في شكل مستحلب نقي وكذلك أسيتات البولي فينيل (PVA) كمواد لاصقة.
إذا تعذر تجنب الملوثات، فلابدّ من بذل الجهود لخفض الإنبعاثات. قد يكون هذا ضرورياً بشكل خاص عند عرض التحف ضمن واجهات وخزائن العرض القديمة أوالمواد المخزنة لفترات طويلة، والمعروفة بأنها مصدر للملوثات.
يمكن لبعض الحلول المؤقتة أن تقلل خطر الملوثات، وذلك بمحاولة خفض الإنبعاثات عن طريق:
· عزل الأسطح لمنع التسرب وتركيب الحواجز المناسبة
· استخدام المواد الماصة (الفحم النشط /البورافيل ، قماش تلميع الفضيات، إلخ.)
ختاماً، نظراً لأهمية الخشب و تفضيل استخدامه في مساحات العرض لسهولة التعامل معه، لابدّ من لمحة عن الملوثات المنبعثة من الخشب. يقوم الخشب بإنتاج كميات متفاوتة من الفورمالدهيد أو حمض الفورميك والخليك، وذلك بحسب أنواع الأشجار. تسبب هذه المواد المنبعثة أنماطاً كثيرة ومتنوعة من الأضرار. ولتجنب إلحاق الضرر بالممتلكات الثقافية، ينبغي للمتاحف ودور المحفوظات والمكتبات الإستغناء تماماً عن استخدام المواد الخشبية، أو استبدال المعدات الخشبية الموجودة تدريجياً.
ألكساندرا جيبيريين و ماتياس كناوت
صور: ألكساندرا جيبيرين