13 الزلازل
تشكّل الهزات الأرضية تهديداً للممتلكات الثقافية في أجزاء معينةٍ من ألمانيا. إذا كانت المنشأة الثقافية تقع في منطقة مهددة بخطر الزلازل – خاصة في جنوب غرب ألمانيا وفي المنطقة الواقعة غرب كولونيا – أو بالقرب من إحدى مناطق التعدين أو المناجم (السابقة)، فلابدّ من إتخاذ التدابير الوقائية المناسبة مثل تمكين البناء لمواجهة هزات الزلازل، أو تعزيز حماية الممتلكات الثقافية المنقولة.
يطرح كل زلزال كبير تساؤلاً عن سبب خطورة الهزات الزلزالية على المباني. تُلحق الزلازل أضراراً جسيمة بالمباني قد تؤدي الي انهيارها؛ لأنها تشكل ضغطًا أفقياً جباراً على الهياكل الداعمة للمبنى. تتعرض المباني عادةً للضغوط العمودية (المشتملة على الأوزان والأحمال وما إلى ذلك)، وغالباً ماتعاني المباني من ضعف هيكلي فيما يتعلق بالمقاومة الأفقية (قوى الضغط الأفقية) (الشكل 1).
الشكل 1: تشكل الزلازل خطورة على المباني لأنها تمارس ضغطاً أفقياً شديداً للغاية. (Lestuzzi, P.: Séismes et Construction. Eléments pour non-spécialistes. Lausanne, 2008)
1. الأضرار النمطية للزلازل على المباني
تتعرض هياكل المباني في أعقاب كل زلزال إلى أضرار متشابهة و بصورة متكررة، وتُعزى في معظمها إلى العيوب وأوجه القصور في التصميم الهيكلي. تحدث هذه الأضرار بشكل رئيسي بسبب العيوب التالية:
– عدم كفاية التدعيم الأفقي للهيكل.
– المباني التجارية (التي تتطلب وجود ارتفاعات وفراغات كبيرة في الطابق الأرضي.).
– العناصر الهيكلية غير الحاملة.
– تصادم المباني المتجاورة.
– تسيّل التربة.
عدم كفاية التدعيم الأفقي
يلعب التدعيم الأفقي دوراً حاسماً في صمود المباني أمام التأثيرات الأفقية للزلزال. لذلك يجب أن تكون مكونات البناء العمودية (مثل الجدران والإطارات والدعامات) على قدرِ معين من الصلابة بحيث تكون قادرةً على امتصاص القوى الأفقية دون إحداث الكثير من الضرر.
لا يزال بالإمكان العثور على عددٍ كبير من المباني التي تفتقر إلى التدعيم الأفقي حتى في المناطق التي تزداد فيها مخاطر حدوث الزلازل (الشكل 2 أ و 2 ب). إن تأثير مثل هذه الثغرات الهيكلية كارثي، لأنه يؤدي في الغالب إلى انهيار المبنى كاملاً.
الشكل 2 أ. إزميت 1999. الصورة لبعثة التحقيق, P. Lestuzzi, SGEB. |
الصورة 2 ب. كوبي عام 1995. الصورة: لمعهد الهندسة المعمارية من اليابان |
المباني التجارية (المفرغة في الطابق الأرضي)
تُعدّ المباني التجارية (ماتُسمى باللغة الإنكليزية soft story) إحدى أكثر المباني شيوعاً و انتشاراً، والأكثر ضعفاً و عرضة للانهيار عند وقوع الزلازل. في كثير من البلدان والمناطق المهددة بالزلازل، يتم عادةً إزالة عناصر التدعيم من الطوابق الأرضية – حيث يكون جدار القص مطلوباً – بينما يتم الإكتفاء بتدعيم الطوابق العليا بالعناصر الهيكلية الداعمة (جدار القص). يُستعاض عن العناصر الداعمة في الطابق الأرضي بالأعمدة لخلق مساحة كافية للمحالّ التجارية. لا يعتبر هذا التصميم الهندسي مستوفياً لمتطلبات مقاومة هزات الزلازل، لأن الأعمدة تكون في الغالب غير قادرة على امتصاص الاهتزازات.
الشكل 3 أ و 3 ب: إزميت 1999. المباني التجارية. الصورة: ب. ليستوزي، بعثة التحقيق-SGEB.
العناصر الهيكلية غير الحاملة
يمكن أن تسبب العناصر غير الحاملة أضراراً جسيمة، ويكون الضرر الذي يلحق بهذه العناصر مسؤولاً عن معظم الخسائر المادية حتى مع حدوث الهزات الزلزالية المعتدلة نسبياً. لذلك لابدّ أن تؤخذ هذه العناصر على محمل الجدّ أثناء مرحلة التصميم، خاصةً أنها يمكن أن تتسبب أيضاً في انهيار الهيكل الداعم (على سبيل المثال يمكن يؤدي القطع الجزئي في الإطار الهيكلي إلى إنهيار الأعمدة الداعمة).
يمكن أن يتسبب سقوط المكونات الهيكلية للواجهات (مثل النوافذ) أثناء الزلازل في حدوث أضرار جسيمة، كما يمكن أن يعيق وصول عمال الإنقاذ ويعرّض حياة الناس في الشوارع للخطر، وبالتالي لابدّ أن يراعي تصميم المكونات الهيكلية للواجهة كلاًّ من الأحمال العمودية والأحمال الأفقية أيضاً.
الشكل 4 أ و 4 ب: انهيار مكونات الواجهات في كوبي عام 1995. الصورة: لمعهد الهندسة المعمارية في اليابان
تصادم المباني المتجاورة
تسبّب الزلازل الكثير من الخلل والانحرافات الهيكلية، وبالتالي يمكن أن تؤدي إلى انهيار المباني المتجاورة. تكمن الخطورة العظمى بشكل خاص عندما تسقط أسقف الأبنية المتجاورة متباينة الارتفاعات، ممّا يؤدي لتدمير العناصر الدعاميّة (مثل الأعمدة الداعمة) في الطوابق السفليّة.
الشكل 5 أ و 5 ب. إزميت 1999. اصطدام المباني المتجاورة ،ب. ليستوزي، الصورة لبعثة التحقيق-SGEB.
تسيّل التربة
يمكن أن تسلك التربة الرملية أو الطفالية سلوك السوائل أثناء الاهتزازات القوية، شرط أن تكون هذه التربة ذات محتوى عالٍ من الماء. وتعرف هذه الظاهرة باسم (تسيّل التربة). تصبح المباني بفعل هذة الظاهرة عرضةً للسقوط أو الانهيار.
الشكل 6 أ و 6 ب. إزميت 1999. تسيّل التربة ،ب. ليستوزي
الصورة لبعثة التحقيق, SGEB.
2. خطر الزلزال
يشير مصطلح خطر الزلزال إلى احتمال حدوث الزلزال بنسبة معينة خلال فترة زمنية تناهز 475 سنة. تتوافق هذه النسبة مع احتمال حدوث زلزال بنسبة 10 % خلال 50 عام. يفترض المصطلح أن 50 عاماً هو العمر الإفتراضي لصلاحية المنشأة. تبين خرائط المخاطر عادةً الخطر الزلزالي. يمكن أن توضح خرائط المخاطر الكثافة الكلية للزلازل (الشكل 7).
الشكل 7: مخاطر الزلازل في ألمانيا والنمسا وسويسرا
تقوم هيئات المعايير الرسمية بتحديد القيم القصوى لتسارع الأرض الأفقي في مناطق الزلازل المختلفة (الشكل 8).
يقسم المعهد الألماني للتوحيد القياسي DIN 4149 (2005) ألمانيا إلى أربع مناطق زلزالية (المناطق مرقمة 0 و 1 و 2 و 3 ، الشكل 8). وفيما يلي قيم التسارع الأفقي للأرض المعتمدة في مجال التصميم المعماري لكل من المناطق الزلزالية:
– المنطقة الزلزالية 1: 0.4 م / ث2
– المنطقة الزلزالية 2: 0.6 م / ث2
– المنطقة الزلزالية 3: 0.8 م / ث2
– المنطقة الزلزالية 0: لا يتم إعطاء قيمة التسارع.
لا تعتبر ألمانيا في معظم مناطقها عرضةً للزلازل. تتركز مخاطر الزلازل في المنطقة 3 حول بازل وآخن وكذلك في منطقة شفيبشن ألب وبالقرب من مدينة كيمنيتز.
الشكل 8. خطر الزلازل في ألمانيا (تقسيمات المناطق بحسب معايير DIN 4149).
3. التدابير الوقائية
المباني المقاومة للزلازل
هناك طرائق بناء معماري تعزّز استجابة المباني للأحمال الأفقية بشكل إيجابي أثناء حدوث الزلازل، إذ تسمح بميل المبنى دون تعريضه للسقوط. يمكن تصنيف طرائق البناء على أنها مقاومة للزلازل إذا تم الالتزام بمايلي عند التصميم والإنشاء:
– هياكل الحديد الصلب (نظراً لمرونتها).
– صبّ الهياكل الخرسانية في موقع البناء (أي تتم معالجة الخرسانة السائلة في موقع العمل).
– تدعيم الخرسانة المسلحة بالحديد الصلب.
– البناء بالخشب.
– البناء نصف الخشبي (الجَمَلُون).
ينبغي أخذ مبادئ البناء التالية بعين الاعتبار عند إنشاء المباني المقاومة للزلازل:
– المكونات الزائدة (مكونات إضافية غير مطلوبة في البناء عادةً، ولكن يمكنها أن تتولى وظيفة المكوّن الأساسي في حالة تعرضه للتخرب أو السقوط).
– مخططات الأرضيَّة متناظرة (الرسم التخطيطي لمسقط الطابق).
– تركيب أعمدة أساسات من الحديد الصلب (تصميم المخطط التفصيلي).
– التدعيم الأفقي، بالاستعانة بالجدران الاستنادية مثلاً.
– المطيلية أو المرونة (القابلية العالية للسحب والطرق) للمواد والمركبات.
حماية الممتلكات الثقافية المنقولة من مخاطر الزلازل
تُعدّ حماية المبنى من الزلازل هي الإجراء الأكثر أهمية للحفاظ على المقتنيات والمجموعات الفنية التي تضمها المنشأة الثقافية. رغم ذلك ، ثمة تدابير ينبغي اتخاذها داخل مبنى المنشأة لحماية الممتلكات الثقافية المنقولة.
بادِئ ذي بَدْءٍ، لابدّ من الحرص على إجراء جرد لكامل المجموعات والممتلكات الثقافية، حتى يتسنى للقائمين على المنشأة تحديد الخسائر والأضرار في حال حدوث أي طارئ أو كارثة.
ينبغي تخزين الممتلكات الثقافية المنقولة بحرصٍ بالغ في المناطق المعرّضة لخطر الزلازل، بحيث تكون المعروضات والقطع القيّمة مُعلقة أو مثبتة بشكل جيد. يجب تثبيت الرفوف والخزائن على الحائط أو السقف بإحكام في المكتبات ودور المحفوظات ومستودعات المتاحف تفادياً لانقلابها. كما ينبغي تأمين كل العناصر المعروضة على الرفوف لحمايتها من السقوط. يمكن القيام بذلك عن طريق تغطيتها بالألواح الزجاجية أو القضبان. في المناطق ذات الخطورة الزلزالية العالية، يمكن التخفيف من الأضرار نتيجة سقوط المعروضات إذا ماتم توفير حصائر توسيد ناعمة لامتصاص الصدمات. يجب تصميم أدراج محكمة الإغلاق ولا تفتح تلقائيّاً.
قامت سويسرا في العقود الأخيرة ببناء مرافق مخصّصة لتخزين الممتلكات الثقافية المنقولة. تعتبر هذه المرافق بمثابة مستودعات للأصول الثقافية القيّمة. لايقتصر الغرض الأساسي من تصميمها حماية الممتلكات أثناء النزاعات المسلحة فحسب، بل أثبتت فعاليتها في حال حدوث الزلازل.