14 أعمال العنف
ما هو العامل المشترك بين التجمعات الخاطفة (الفلاش موب) وأعمال الشغب والعمليات الإرهابية؟ تشكّل مواجهتهم تحدياً كبيراً نادراً ما تكون المنشآت الثقافية مستعدة له.
لم يختبر العالم السلام والهدوء حتى مع إعلان نهاية حقبة الحرب الباردة. فبدلاً من سباق التسلح بين القوى العظمى المهيمنة، يواجه العالم الآن عدداً لا يحصى من الصراعات غير المتكافئة، ويسعى الإرهاب الدولي بشكل متزايد إلى استهداف الأماكن الرمزية وخاصة المنشآت الثقافية. يهدد الإخلال بالنظام العام – الناجم عن الاحتجاجات وأعمال الشغب – الممتلكات الثقافية في البلدان التي لم تتوقع حدوث مثل هذه الأحداث (مثل مصر). كما تزايدت المخاطر والتهديدات غير المباشرة لهذه الأحداث، متمثلة بشكل أساسي بخروج البنى التحتية الحيوية للمنشآت وأنظمة الاتصالات عن الخدمة لفترات طويلة.
يمكن للتهديدات الأساسية الثلاثة التالية أن تشكل خطراً على وجود منشأة أو مرفق ما، فضلاً عن المشاكل اللاحقة:
· الإخلال بالنظام العام: الآثار الجانبية للمظاهرات أو أعمال الشغب أو الفوضى
· الإرهاب: تهديدات القنابل والهجمات
· النزاعات المسلحة: القتال والحروب الأهلية
يساعد تقييم المخاطر والتخطيط لحالات الطوارئ – حتى في ظروف العنف القصوى – على درء المخاطر و التهديدات وتقليل الأضرار إلى الحد الأدنى – وخاصة إذا تم إدراجها في خطة الطوارئ الشامل.
أخذت المؤسسات العامة في الألمانيتين – الشرقية والغربية – التهديدات التي شكّلتها الأسلحة التقليدية والنووية خلال الحرب الباردة على محمل الجدّ وكانت مستعدة لمواجهتها. وقد اتخذت العديد من المؤسسات والمنشآت الثقافية تدابيرً صارمةً لحماية الممتلكات الثقافية من الغارات الجوية على وجه الخصوص. بعد توحيد الألمانيتين عام 1990 لم يعد هذا الأمر ضرورياً ، وقد تم إنهاء التدابير الوقائية أو التخلص منها بهدوء. اهتزّ هذا الشعور بالأمان من التهديدات العسكرية مع اندلاع الحروب في يوغوسلافيا السابقة؛ واستجابةً لذلك، تأسّست شبكة الدرع الأزرق “Blue Shield” كمنظمةٍ جامعة لحماية الممتلكات الثقافية في دورالمحفوظات والمكتبات والمتاحف.
يشكل الإرهاب الدولي نوعاً جديداً من التهديد، و يسعى في المقام الأول إلى استهداف الأماكن والمنشآت ذات القيمة والدلالة الرمزية بغرض زعزعة أمن الحياة المدنية والحياة الثقافية. لقد ثبت أن إعادة تقييم التهديدات التي تواجه المؤسسات والمنشآت الثقافية ضرورية في أعقاب الاضطرابات العامة والإحتجاجات المدنية (مثل الإحتجاجات في اليونان عام 2012)، أو في أعقاب انهيار الأنظمة الاستبدادية (مثل “الربيع العربي” منذ 2011)، أو بعد الكوارث الطبيعية (مثل إعصار كاترينا في نيو أورليانز الأمريكية في عام 2005). لقد تزايدت المخاطر والتهديدات الناجمة عن التأثيرات غير المباشرة لهذه الأحداث، متمثلة بشكل أساسي بخروج البنى التحتية الحيوية للمنشآت عن الخدمة والفعالية لفترات طويلة.
التهديدات الأساسية الثلاثة التي يمكن أن تشكل خطراً على منشأة ما:
– الإخلال بالنظام العام
– العمليات الإرهابية
– النزاعات المسلحة
تؤدي هذه التهديدات إلى فقدان البنية التحتية الهيكلية والتقنية الأساسية وذات الأهمية الكبرى.
هناك أربعة أنواع من المخاطر التي تهدد التراث الثقافي أثناء وقوع أعمال العنف السالفة الذكر:
· التدمير المتعمد أو سرقة الممتلكات الثقافية،
· الإتفاق على تدمير أو إتلاف الممتلكات الثقافية (“الضرر الجانبي”) ،
· التدمير غير المقصود أو الخاطئ ،
· مخاطر التعدي الممتلكات (السرقة ، سرقة المقابر، إلخ.).
تؤثر السياسة الداخلية والخارجية في زيادة فرص حدوث الاضطرابات وأحداث العنف. كما يمكن أن تكون المؤسسة الثقافية بحدّ ذاتها مسؤولة بشكلٍ أو بآخر عن حوادث العنف نتيجة إقامة معرض أو احتفالية حول مناسبة أو موضوع مثير للجدل. لابدّ من القائمين على المنشآت الثقافية في البيئات الإشكالية من تقييم نتائج الإستفزاز المحتملة بشكل جدي.
توفر الاستعدادات المدروسة جيداً والتخطيط للطوارئ إمكانية لتجنب المخاطر والحدّ من أضرار هذه المخاطر الخارجية والداخلية. من المستحسن كأساس لتحليل المخاطر أن تتم مناقشة سيناريوهات العنف في الحالات القصوى مع فريق داخلي صغير في المنشأة (عصف ذهني). وبالتالي، يتم الحصول على فكرة مبدئية عن التهديدات المحتملة وتحديد نقاط الضعف الهامة. على هذا الأساس، يمكن اتخاذ قرارات بشأن كيفية المضيّ قدماً وتحديد الأولويات في حالات الطوارئ.
نادراً مايتوفر خبراء داخليون متخصصون بالتخطيط لحالات الطوارئ في المنشآت و المؤسسات الثقافية، لذلك من الضروري والمفيد للغاية استشارة متخصصين خارجيين في مرحلة مبكرة لتحليل المخاطر والتخطيط للتعامل مع حالات الطوارئ. في حالات الإرهاب والاضطرابات المدنية، ستكون نقطة الاتصال الأولى هي الشرطة الجنائية المختصة، أما فيما يتعلق بالنزاع المسلح، فيمكن للوحدات العسكرية التابعة للجيش أن تقدم المشورة.
يجب أن يكون لدى كل مؤسسة مفهوم متكامل للتأهب لحالات الطوارئ يتم فيه إدراج كافة التهديدات وعواقبها المحتملة. على الرغم من أن الاضطرابات المدنية والإرهاب والحرب تتطلب تقييماً محدداً للمخاطر، غير أن هناك العديد من العوامل المشتركة مع الأخطار الأخرى التي تهدد المؤسسات الثقافية فيما يتعلق بالوقاية وإدارة الطوارئ. في حالة التهديدات النادرة والخاصة للغاية، من الضروري أن تكون قادرًا على الإستناد إلى الأساس المتين والمدروس لخطة إدارة الطوارئ العامة. ينسحب هذا الأمر على الإجراءات الأمنية القياسية التي تمت دراستها وأثبتت فعاليتها بالتجربة، مثل إجراءات السلامة من الحريق والسرقة، وكذلك السيناريوهات الخاصة بالتعامل مع حالات الطوارئ (مثل عمليات إخلاء المصابين). ينبغي أيضاً عند توقع حدوث أعمال العنف، من مراعاة المخاطر المرافقة ولاسيما أعمال التخريب والحرائق والأعطال التي قد تخلفها الاضطرابات في المنشأة (يرجى مراجعة الفصول السابقة ذات الصلة).
1. الإخلال بالنظام العام
يكون المسؤولون عن خلق الإضطراب في النظام العام عادةً أشخاصاً عنيفين ممّن لديهم قناعات ومعتقدات متطرفة وعلى استعداد لارتكاب أعمال العنف، فقد يكون هؤلاء الأشخاص من المتطرفين والأصوليين (من السكان المحليين أوالوافدين الأجانب)، وقد يكونون أيضاً من الأفراد المناهضين للسلطات الحاكمة، الرافضين للنظام الاجتماعي أو احتكار الدولة للسلطة، ويطالبون بحقوقهم ويحتجون باستخدام العنف. بالإضافة إلى كل ماسبق، ثمة أشخاص تعني لهم أعمال الشغب تجربة ممتعة ومغامرة بكل بساطة (مثل مثيري الشغب في ملاعب كرة القدم ، و”سوّاح الشغب”).
يقوم مرتكبو أعمال العنف بالإحتجاج من خلال المظاهرات أو التجمعات الخاطفة أو حتى الأفعال العفوية. غالباً ماتكون هذه الإحتجاجات منظمة بشكل جيد، إذ يتم تنسيق الإتصالات عبر شبكات التواصل الاجتماعي الحديثة، وبالتالي يكون لها القدرة على تحفيز المتعاطفين وجمع المشاركين بسرعة. تتوج هذه الاحتجاجات في كثير من الأحيان بمجموعة من “الأفعال الإجرامية ذات الدوافع السياسية” (مثل الإعتداء أو الحرق العمد أو الإضطرابات المدنية أو السرقة أو العصيان المدني)، وقد تكون بشكل “جريمة عامة” تلحق الأضرار بالممتلكات أو استخدام التهديد أو الحملات الدعائية العدائية. تُرتكب أعمال العنف هذه عمداً، أو تتطور تلقائياً من المظاهرات / المظاهرات المضادة أو المسيرات الاحتجاجية، أو تحدث على هامش المناسبات العامة.
يمكن – من حيث المبدأ – تصعيد أي حدث أومناسبة إلى أعمال شغب أوفوضى وهياج، وقد تشمل المناسبات أيضاً المعارض الفنية المثيرة للجدل أو احتفاليةً حول موضوع إشكالي. لعلّ أشهر الأمثلة على ذلك المعرض المتنقل والذي استمر بالعرض ما بين عامي 1995 و 1999 لأعمالٍ فنية عن الحرب العالمية وجرائم الجيش الألماني (“حرب الإبادة – جرائم الفيرماخت 1941-1944”) ، الذي أثار موجة احتجاجات عنيفة من جانب الجماعات المتطرفة اليمينية وقاموا بمهاجمته بشراسة. لذلك يمكن أن تصبح المؤسسات أو المشروعات الثقافية أهدافًا لأعمال العنف. من الممكن أيضًا أن يلجأ مثيرو الشغب إلى منشأة ثقافية للإحتماء من المعارضين أو ملاحقة الشرطة. إلى جانب هذه أعمال الشغب والعنف ذات الطابع السياسي، ينبغي على القائمين على المنشآت والمؤسسات الثقافية التفكير أيضاً في أفضل السبل لضبط الحشود الكبيرة، خاصة أثناء المناسبات والاحتفاليات في الهواء الطلق، تجنباً للفوضى وخروج الحشود عن السيطرة بسبب سوء الخدمات اللوجستية (مثل أيام العروض المفتوحة أو ليالي المتاحف). ينبغي الانتباه أيضاً للدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت للحفلات والدعوات العامة المزيفة، إذ يمكن أن تنطوي على احتمال حدوث أعمال العنف والشغب.
الاستعداد لمواجهة مخاطر الإخلال بالنظام العام
ينبغي إدراج المؤسسات والمنشآت الثقافية التي يُحتمل أن تكون مسرحاً لأعمال العنف أوالتي قد تتعرض للهجوم من مثيري الشغب في وثائق تقييم المخاطر، والحرص على اتخاذ الاحتياطات الأمنية المناسبة.
لا بدّ من الحفاظ على صلات جيدة ومستمرة مع سلطات ترخيص المظاهرات أو الأحداث المماثلة، وذلك تحسباً لأي أعمال عنف مرافقة، وبهذا سيتم إطلاع المنشأة الثقافية على أي تهديدات محتملة، ومعرفة القرارات التي تتخذها السلطات بهذا الخصوص مسبقاً. تتيح الاتصالات مع الجهات المختصة أيضاً تقديم اعتراض على الإذن الممنوح بالمظاهرات إذا لزم الأمر. إن الحوار المنتظم مع الشرطة المحلية هو إجراء وقائي أساسي لمواجهة حالات الاضطرابات، كما يساعد التواصل مع الجهات المختصة أيضاً في إجراء تقييم للمخاطر بالشكل الأمثل ويساهم في رفع الجاهزية والاستعداد لمواجهة أعمال العنف المحتملة بنشر فرق الطوارئ عند الضرورة.
في حال ترجيح حدوث أعمال العنف، من الضروري اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المنشأة. يمكن – على سبيل المثال – تشديد ضوابط الدخول إلى المنشأة، وتعزيز أمن المنشأة بالاستعانة بشركة خدمات أمنية، أو إغلاق المنشأة مؤقتاً، أو حتى إيقاف أي مشروع ثقافي تم التخطيط له. قد تكون هناك حاجة لطلب مساعدة الشرطة (على سبيل المثال، زيادة تواجد دوريات الشرطة في محيط المنشأة، أو حتى الاستعانة بالضباط لحراسة المنشأة). في أي حال ، ينبغي مناقشة سيناريوهات مختلفة مع الخبراء لتتمكن المؤسسة من الاستجابة لأية أعمال عنف من خلال سلسلة متدرّجة من التدابير.
إذا لم تنجح التدابير الوقائية المتخذة في منع ارتكاب أعمال العنف ضد المؤسسة أوالمنشأة الثقافية ومحتوياتها أو الزائرين والموظفين، يمكن اتخاذ خطوات لتهدئة الوضع مرة أخرى أو منع المتسببين في أعمال العنف من إلحاق المزيد من الضرر بالمنشأة، وذلك عن طريق اتخاذ إجراءات التصعيد أو حظر الدخول إلى المرافق غير المتأثرة بالعنف، ولابد في نهاية المطاف من الاتصال بالشرطة أو قوات الأمن ذات الصلة لتهدئة الاضطرابات. سيتم البت في ضرورة توثيق أعمال العنف تبعاً للموقف والوضع الراهن، إذ أن تحديد هوية مرتكبي هذه الأفعال ومسار الأحداث سيكون مهماً لأغراض المقاضاة اللاحقة.
2. الإرهاب
لا يوجد بالعموم تعريفٌ جامع أو موحد للإرهاب، إذ يمكن أن يتخذ أشكالاً متعددة وتختلف وتتنوع دوافعه وخلفياته بشكل كبير. ما يعتبره أحد الأطراف إرهاباً، قد يراه البعض الآخر عملاً مشروعاً وكفاحاً من أجل التحرّر.
يسعى الإرهابيون في المقام الأول إلى مهاجمة أو تعطيل أو تدمير النظام المدني للدولة والمجتمع. يحاولون القيام بذلك بطرق مذهلة عن طريق مهاجمة ” أيقونات” السياسة والاقتصاد، على سبيل المثال المباني أو الرموز أو الأشخاص. وقد يتعدى ذلك إلى مهاجمة القيم الجوهرية للمجتمع من خلال الاعتداء على المنشآت الثقافية على سبيل المثال.
ولهذا تعتبر الممتلكات الثقافية جزءاً من “البنى التحتية الحرجة” للبلاد. تنص الإستراتيجية الوطنية لحماية البنية التحتية الحرجة (بالألمانية “KRITIS-Strategie“) الصادرة عن وزارة الداخلية الإتحادية – وتحديداً في الفصل الثالث -على مايلي: “يمكن أن يسبب تدمير البنية التحتية ذات الأهمية الرمزية أذىً عاطفي ونفسي، وينعكس سلباً على توازن المجتمع على المدى الطويل، نظراً لقيمتها الثقافية وارتباطها بالهوية”. قد لا يهدف الإرهابيون إلى التدمير الكامل للمؤسسة الثقافية فقط، بل قد يتعدى ذلك إلى سرقة أو تشويه أي عنصر ثقافي ذي دلالةٍ رمزية.
قد يكون الدافع وراء أعمال الإرهاب هو:
· رفض نظام الدولة أو النظام الاجتماعي،
· رفض قرار أو فعل سياسي قائم (مثل عملية نشر الجيش الألماني خارج البلاد)،
· رفض السلوك الاجتماعي الذي لا يتوافق مع معتقدات الفرد (التعامل مع مسألة المثلية الجنسية)، أو معرضاً أو مناسبة قد تؤدي إلى إيذاء المشاعر،
· معرض أو حدث داعم لخصم سياسي أو غريم في المجتمع.
الاستعداد لمواجهة الإرهاب
من الممكن اتخاذ احتياطات للتعامل مع تهديدات وجود قنبلة، ولعلّ أنجع الطرق هي التشاور مع الخبراء الاستشاريين، وإنجاز خطة الطوارئ، وتدريب الموظفين. من الصعب بالنسبة للقائمين على المؤسسات الثقافية تجنب الأعمال الإرهابية بفعالية، لأن الذي يقوم بالهجوم الإرهابي هو صاحب القرار في تحديد موقع العمل الإرهابي، وتوقيته، وطبيعته. لذلك ينبغي أن تركز خطة الطوارئ في المنشأة بشكل أساسيّ على التدابير الفورية الفعّالة الواجب اتخاذها مباشرةً في أعقاب العمل الإرهابي، ثمّ – بدرجة أقل – على التدابير الوقائية لمنع الأعمال الإرهابية. يعدّ الاتصال الوثيق والتبادل المنتظم للمعلومات مع قوات الأمن المحلية أحد الإجراءات الضرورية، كما يعتبر عقد حلقات النقاش المنتظمة والمتعلقة بالحالات ضرورية لتبادل النتائج ، وكذلك دراسة وتقييم المشروعات في مرحلة مبكرة، والبحث في احتمالات استهداف المنشأة الثقافية بأعمال إرهابية. إذا اتضح أن فرصة التعرض لمخاطر الإرهاب مرتفعة، فلابدّ من اتخاذ الإجراءات الضرورية. يمكن على سبيل المثال تكثيف تشديد ضوابط الدخول إلى المنشأة، أو إغلاق المنشأة مؤقتًا، أو حتى إيقاف أي مشروع ثقافي تم التخطيط له.
استراتيجية مكافحة الإرهاب 1: تحليل ماهية الجماعات الإرهابية
من هم الإرهابيون؟ ما هي دوافعهم وأهدافهم؟
· محليون أم أجانب
· ذوو دوافع سياسية أو عرقية أو دينية
· إرهابيون عالميون أم محليون أم انفصاليون أم مناهضون للأقليات
· الثورة /الحرب /الإبادة
يكاد يكون لكل جماعة إرهابية “بصمة” متفردة، إما أن تظهر بالصدفة تبعاً للظرف، أو تكون عن قصد (على سبيل المثال لأسباب تتعلق بالعلاقات العامة / الصورة أو الهوية / التنافس أو الكبرياء / الشرف). غالبًا ما يتضمن ذلك ميلًا إلى أهداف معينة (مثل الأشخاص أو الأشياء المادية، الشخصيات المهمة أو العادية، الأهداف العسكرية أو المدنية). تعد هذه “البصمة” أحد أهم الأدلة التي يمكن الاستعانة بها من قبل خبراء الإرهاب لتحديد ما إذا كانت الممتلكات الثقافية مرشحة للإستهداف من جماعة إرهابية.
استراتيجية مكافحة الإرهاب 2: الأهداف
هناك ثلاثة تهديدات ينبغي النظر فيها:
• الهجوم المباشر على الممتلكات الثقافية (المبنى / العناصر الثقافية / الأشخاص). الإحتياطات: تقييم المخاطر المحتملة من منظور الجماعة الإرهابية.
• عواقب الهجوم المستهدف في المنطقة. الإحتياطات: احصل على معلومات من قوات الأمن المحلية حول مستوى التهديد واستراتيجيات التأهب والاستجابة للطوارئ ؛ ثم اتخاذ قرار بشأن العواقب على فريق إدارة الأزمات في منشأتك.
• عواقب الهجوم على البنية التحتية للمكان أو المنطقة. الإحتياطات: الإحتياطات العامة فقط مطلوبة.
استراتيجية مكافحة الإرهاب 3: الجاهزية لمواجهة مخاطر العمليات الإرهابية
يستخدم الإرهابيون أثناء هجومهم أنماطاً محددة من الأساليب التقنية وهي:
• القنابل المخفية (يتم التحكم بها عن بعد أو بواسطة ميقاتية)
• السيارات المفخخة (في السيارات الثابتة أو في سيارات تصطدم بالمبنى المستهدف بسرعة معينة)
• التهديد بوجود قنبلة
• هجمات الأسلحة البيولوجية / الكيميائية
• الهجمات الإنتحارية
• الإختطاف ، أخذ الرهائن ، إلخ.
لاتملك المؤسسات الثقافية القدرة على حماية منشآتها بشكل كافٍ ضد هذه التهديدات، وتبقى فرص اتخاذ الإجراءات والتدابير على المدى الطويل محدودةٌ للغاية. تجدر الإشارة إلى أن الإجراءات الأمنية التي أثبتت جدواها مثل الدوريات في نهاية ساعات العمل، والاستخدام الإلزامي لخزانة الملابس (للمعاطف وغيرها)، والاهتمام بالأمتعة و الحقائب المتروكة بدون أصحابها، والتحكم بالخزائن (بنوافذ شفافة على سبيل المثال) والمراقبة بالفيديو، يمكن لها أن تمنع تفاقم الوضع الحرج.
إن التدابير الأمنية المكثفة التي تطبقها السفارات أو البنوك أو المطارات، مثل استخدام أجهزة الكشف وفحص الهوية وضبط مناطق / بوابات الأمن وحراس الأمن المسلحين، ليست مناسبة ولايمكن في الغالب تطبيقها في المنشآت الثقافية، لكونها مكلفة وصعبة للتنفيذ، وخاصةً في المباني الأثرية القديمة. علاوةً على ذلك، سوف تؤثر هذه التدابير على رفاهية زوار المنشآت الثقافية وتسبب لهم الضيق. ينسحب الأمر ذاته على الإجراءات الأمنية البسيطة والمعقدة، على الرغم من أنها تهدف في المقام الأول إلى توفير الحماية من التهديدات الأخرى وتشكل جزءاً من منظومة أمنية شاملة، وفي الوقت ذاته تطور المنظومة الوقائية ضد الإرهابيين.
استراتيجية مكافحة الإرهاب 4: منظومة الأمن المتكاملة
لايوجد خط فاصل بوضوح بين الإرهاب والتهديدات المتطرفة الأخرى. إذ يمكن أن يتسبب الإرهابيون أيضاً في حدوث خسائر فادحة (مثل حوادث تحطم الطائرات أو انهيار السدود)، أو تخريب البنية التحتية (تخريب إمدادات الطاقة الكهربائية أو حظر الإنترنت). لذلك فإن المنشأة التي ترغب في حماية نفسها من الإرهاب تتطلب منظومة أمنية متكاملة تأخذ في الاعتبار وضع المنشأة والتنسيق والربط بين التدابير الأمنية المتبعة فيها مع تفاصيل سيناريوهات التهديد المختلفة (إدارة الطوارئ بعد هجوم خطير، متوفر باللغة الألمانية).
3. النزاعات المسلحة
يشكل النزاع المسلح أحد أهم الأخطار التي تهدد كافة أنواع الممتلكات الثقافية. إلى جانب الحروب التقليدية بين الدول ذات السيادة، هناك أيضًا أشكال أخرى مثل الحروب الأهلية وحروب التحرير والتدخلات المسلحة، والتي تشمل أيضاً الميليشيات شبه العسكرية و / أو الخاصة والمرتزقة. لا تخضع الأطراف الفاعلة في هذه النزاعات مثل أمراء الحرب أو العصابات أو المرتزقة أو الشبكات الإرهابية لقوانين الحروب الدولية (مثل اتفاقيات جنيف)، وبالتالي لا تُؤخذ حماية الممتلكات الثقافية في الاعتبار. في حالة النزاعات التي تستهدف أيضاً – أو بشكل أساسي – الهوية الثقافية للخصم ، يمكن أن تصبح مهاجمة الممتلكات الثقافية الهدف الأساسي للنزاع. في جميع أشكال النزاعات المسلحة الأخرى ، يكون التهديد أكثر عرضية ويمكن اعتباره “تأثيراً جانبياً”.
لعل أهم المخاطر المصاحبة للنزاع المسلح هي السرقات، سواءً من جانب أحد أطراف النزاع (“غنائم الحرب”) أو من قبل الأفراد / المجموعات (“تذكارات الحرب”). وما يصاحب ذلك هو عمليات التنقيب غير المشروعة بغرض السرقة، والتي غالباً ما تسهم عائداتها (عبر سوق الفن غير القانوني) في تمويل النزاعات.
الاستعداد لمواجهة مخاطر النزاعات المسلحة
يجعل الوضع السياسي الحالي في أوروبا نشوب الحرب “التقليدية” في ألمانيا أمراً غير مرجح الحدوث. لاتبدو معالم أشكال النزاعات المسلحة الأخرى واضحة في المستقبل المنظور، ولكن لا ينبغي تجاهلها وإسقاطها أثناء إعداد تحليل المخاطر. ينبغي أن تشمل التدابير الوقائية للنزاعات المسلحة ثلاثة جوانب أساسية:
1. اتفاقية لاهاي “اتفاقية حماية الملكية الثقافية في النزاعات المسلحة” مع بروتوكولاتها.
2. تقييم التدابير المعدة أو المتخذة ضد المخاطر الأخرى المتعلقة، وبصلاحيتها للتنفيذ حتى في حالة حدوث نزاع مسلح.
3. النظر في إتخاذ تدابير تعزيزية لدعم أمن الممتلكات الثقافية في حالة حدوث نزاع مسلح.
تبدو الاستعدادات والجاهزية الإضافية في المنشآت الثقافية الألمانية على المدى البعيد ضرورية فقط إذا كانت فعالة أيضاً ضد المخاطر الأخرى التي تتهدّد الممتلكات الثقافية، نظراً لأن النزاع المسلح غير مرجح الحدوث في ألمانيا حالياً.
4. تخريب مرافق البنية التحتية الهامة
من المعروف أن العواقب غير المباشرة لأي كارثة – وخاصة إن أسفرت عن تعطيل المعدات التقنية وأنظمة الإتصالات – ذات تأثير أكبر من العواقب المباشرة. ينطبق هذا على الكوارث الطبيعية واسعة الانتشار (الفيضانات والزلازل)، وكذلك على الحرب والأعمال الإرهابية والاضطرابات المدنية. كما يمكن أن يدوم تأثير التخريب في البنية الأساسية لفترة طويلة بعد وقوع الكارثة.
يبين مثال الفيضان الشهير في نيو أورليانز عام 2005 أن المتاحف ليست بمأمن تامّ ٍ من تأثير الكوارث – بأي حالٍ من الأحوال – وحتى في البلدان الصناعية الغنية. على الرغم من أن إعصار كاترينا تسبب فقط في أضرار بسيطة للمتاحف بسبب الأعاصير و الفيضانات، إلا أن فقدان البنية التحتية الهيكلية في السنوات التالية تسبّب في مشاكل هائلة ومنها:
• عرقلة الوصول وإعاقة العمل والإمدادات الحيوية،
• الأعطال التقنية (الطاقة الكهربائية، الإتصالات السكلية واللاسكلية، الإنترنت)،
• لم يتم تصميم مولدات الطوارئ لضمان استمرار تشغيل المرافق (سعة غير كافية ونقص في مخزون الوقود)،
• كانت الشرطة وخدمة الإطفاء مشغولة بالكامل بإنقاذ الأرواح وحماية البنية التحتية الحيوية،
• اندلاع أعمال العنف والجرائم والفوضى.
الاستعداد لمواجهة مخاطر تخريب البنية التحتية
تمثل الإضطرابات التي تحدث نتيجة لكارثة ما خطراً لايستهان به على الممتلكات والأصول الثقافية، لذلك يكون الإعداد والتصور للسيناريوهات الأسوأ التي قد تواجهها في منشأتك مفيداً للغاية. لنفترض أن منشأتك:
• بدون هاتف / فاكس
• بدون خدمة الهاتف الأرضي
• بدون خدمة الهاتف المحمول
• بدون خدمة الإنترنت
• بدون أجهزة حواسيب
• بدون تدفئة
• بدون أنظمة تكييف
• بدون إمدادات الطاقة الخارجية
• بدون مولدة الطوارئ
• معزولة عماحولها (المبنى / الحي / المدينة / المنطقة).
لا بدّ من الإجابة على الأسئلة التالية لكل سيناريو سبق طرحه:
• كيف ستدرك حدوث الكارثة وما هي السرعة التي سيتطلّبها ذلك؟
• ما هي المخاطر المحتملة على الأشخاص / الممتلكات الثقافية / المباني / المفروشات؟
• ما هي الإجراءات المضادة الفورية التي يمكن إتخاذها لتخفيف أو معالجة المشكلة؟